النبي صلىاللهعليهوسلم ، وليس هكذا وعيد الفساق ، ولهذا كفرتم المتوقف في وعيد الكفار ولم تكفروا المتوقف في وعيد الفساق.
قيل له : إن ذلك مما لا يقدح مما أوردناه ، بل يزيد الإلزام تأكيدا ، فالواجب أن يتركوا المذهب الذي يقتضيه.
ثم يقال لهم : هب أن هذا معلوم من دين النبي عليهالسلام ضرورة ، فمن أين علمه النبي عليهالسلام حتى يتدين به.
فإن قالوا : اضطرارا من قصد جبريل نقلنا معهم الكلام إليه ، وإن قالوا : اضطر هو إلى قصد الله قلنا : إن هذا لا يصح ، والدار دار تكليف.
ومتى قالوا : إن جبريل علم ذلك من حيث زاد الله تأكيدا حتى قطع ، لما كان ذلك التأكيد على المراد به.
قلنا : ما من تأكيد إلا وهو معرض للاحتمال ، فكيف يمكن ذلك ، ولا محيص للمرجئة عن هذا الكلام؟
فإن قيل : إنه تعالى كما توعد العصاة بالعقاب فقد وعد المطيعين بالثواب والفاسق يستحق الأمرين جميعا ، فلم يكن بالدخول في عمومات الوعيد أولى من الدخول في عمومات الوعد ، فيتوقف فيه ، إن لم يقطع على أنه بفضله وسعة جوده وكرمه يدخله الجنة.
قيل له : فكيف يصح القول بأن الفاسق مستحق للثواب ، ولو كان كذلك لكان لا يستحق معه العقاب ، وقد دللنا على استحقاقه للعقوبة ، وبينا أن السارق إذا سرق عشرة دراهم من حرز على الشروط المعتبرة في هذا الباب ، وظفر به الإمام وهو مصر على ذلك ، قطع يده بالآية على سبيل الجزاء والنكال ، ولن يكون ذلك كذلك إلا وما كان يستحقه من الثواب بطاعاته قد سقط بارتكابه الكبيرة ، فهذه جملة ما نقوله في هذا الفصل.
فصل
تخليد الفاسق بالنار :
وقد أورد رحمهالله بعد هذه الجملة الكلام في أن الفاسق يخلد في النار ويعذب