الأصل الرابع
وهو الكلام في المنزلة بين المنزلين
فصل
لم سمى بالأسماء والأحكام :
اعلم أن هذا الفصل كلام في الأسماء والأحكام ويلقب بالمنزلة بين المنزلتين.
ومعنى قولنا : إنه كلام في الأسماء والأحكام ، هو أنه كلام في أن صاحب الكبيرة له اسم بين الاسمين وحكم بين الحكمين ، لا يكون اسمه اسم الكافر ، ولا اسمه اسم المؤمن ، وإنما يسمى فاسقا. وكذلك فلا يكون حكمه حكم الكافر ، ولا حكم المؤمن ، بل يفرد له حكم ثالث ، وهذا الحكم الذي ذكرناه هو سبب تلقيب المسألة بالمنزلة بين المنزلتين ، فإن صاحب الكبيرة له منزلة تتجاذبها هاتان المنزلتان ، فليست منزلته منزلة الكافر ولا منزلة المؤمن ، بل له منزلة بينهما.
إذا ثبت هذا ، فاعلم ، أن المكلف لا يخلو حاله من أحد أمرين : فإما أن يكون مستحقا للثواب ، أو يكون مستحقا للعقاب ، فإن كان مستحقا للثواب فهو من أولياء الله ، وإن كان مستحقا للعقاب فهو من أعداء الله تعالى.
ثم إنه إن كان مستحقا للثواب فلا يخلو : إما أن يستحق الثواب العظيم ، أو يستحق ثوابا دون ذلك ، فإن استحق الثواب العظيم فلا يخلو : إما أن يكون من بني آدم ، أو لا يكون. فإن لم يكن من بني آدم فإنه يسمى ملكا ومقربا. وما يجري هذا المجرى ، وإن كان من بني آدم ، سمي نبيا ومصطفى ومختارا ، إلى غير ذلك.
وإذا استحق ثوابا دون ذلك ، فإنه يسمى مؤمنا برا تقيا صالحا ، سواء كان من الجن أو من الإنس.
وإن كان من أعداء الله تعالى ، فلا يخلو : إما أن يكون مستحقا للعقاب العظيم ، أو لعقاب دون ذلك.
فإن كان مستحقا للعقاب العظيم ، فإنه يسمى كافرا ، والكفر أنواع : من ذلك النفاق ، وهو أن يسر صاحبه خلاف ما يظهره ، ومنه الارتداد ، وهو أن يكون كان مؤمنا