وعلى المستحق الثواب وعلى من لا يستحقه اللهم إلا إذا منع منه مانع ، نحو قولنا ظالم وعاص وزان وسارق ، فإنه لا يجوز أن يجري على المؤمنين المستحقين للثواب وإن كان مبقي على الأصل غير منقول إلى الشرع لمنع ، هو أنه جار بالعرف اسما لمن يستحق الذم ، فكأنه موضوع لهذا المعنى.
ولهذه الجملة التي ذكرناها من أن هذه الأسماء تتضمن استحقاق المدح والذم والثواب والعقاب لم يجز إجراؤها على الله تعالى لأنها من أسماء المكلفين إذا كانوا على أوصاف مخصوصة ، وليس هذا حال الله تعالى.
فإن قالوا : اعتراضا على كلامنا هذا أو ليس أن المؤمن اسم من أسماء الله تعالى ، قلنا : إن هذا اللفظ إذا أطلق على الله تعالى فالمراد به أنه يصدق مصدقيه ورسله ، أو أنه يؤمن عباده من ظلمه وعذابه ، فأما على غير هذين المعنيين ، فلا يستعمل فيه تعالى.
الكلام في الدعاء :
ومما أورده رحمهالله بعد هذه الجملة ، وهو من لواحق هذا الباب ، الكلام في الدعاء.
اعلم ، أن الدعاء هو طلب المراد من الغير ، شرط أن يكون المطلوب منه فوق الطالب في الرتبة ، ولا بد من اعتبار الرتبة ليتميز عن السؤال ، وإلا فالسؤال أيضا طلب المراد من الغير.
أقسام الدعاء :
وينقسم إلى ما يكون دعاء للغير ، وإلى ما يكون دعاء عليه.
والدعاء للغير إما أن يكون دعاء له لمنافع دينية ، أو دعاء له لمنافع دنيوية ، فإن كان دعاء بمنافع دينية من المدح والثواب فإنه لا يخلو ، إما أن يكون الداعي قاطعا على استحقاق المدعو له لتلك المنافع ، كأن يكون علم ذلك من حاله بدلالة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليهالسلام على مثل ما نقوله في عليّ عليهالسلام وغيره أو لا ، فإن قطع على كون المدعو له مستحقا ، جاز له الدعاء من غير اعتبار شرط ، وإن لم يقطع ولكن غلب على ظنه استحقاقه لذلك حسن منه الدعاء له أيضا ، ويكون مشروطا بالاستحقاق وإن لم ينطق به فهو في حكم المنطوق به ، هذا في الدعاء