معتقد لذلك المذهب ، وإذ قد تقرر أن الاطلاع على الاعتقاد ممكن ، وصح لدينا خطأ بعض الاعتقادات وفسادها ، وكونها من باب المناكير ، فإنه يلزمنا النهي عنها على حد لزوم النهي عن غيرها من المناكير ، فهذا جملة ما يلزم تحصيله في الفصل الأول.
أما الفصل الثاني
كيفية التوبة :
فالأصل فيه ، أن من اعتقد اعتقادا ثم ظهر له فساده وكونه خطأ باطلا ، فإن الواجب عليه أن يتوب عنه ويندم عليه لا محالة ، إلا أنه لا يخلو ، إما أن يكون قد أظهره من نفسه فظهر وانتشر واطلع عليه الناس ، أو لم يظهره لأحد ولم يطلع عليه أحد كفاه التوبة بينه وبين الله تعالى ، وإن أظهره حتى أطلع عليه غيره ، فلا يخلو ، إما أن يكون قد دعا إليه أو لم تكن منه الدعوة ، فإن لم يدع غيره إليه غير أنه ظهر منه ذلك وعرف هو به ، فإن الواجب عليه أن يتوب من ذلك سرا وبين يدي الذين قد عرفوه بذلك المذهب والاعتقاد الفاسد كيلا يتهموه به بعد ذلك ، وإن كان منه إلى ذلك المذهب والاعتقاد الفاسد دعوة فلا يخلو ، إما أن يكون قد قبل منه غيره أو لا ، فإن لم يقبل منه غيره كفاه التوبة بين يديه على الحد الذي ذكرناه ، فإن قبل ، فإنّ الواجب عليه أن يتوب عن ذلك ويعرف ذلك الغير الذي قبل منه توبته عنه ، وأنه قد تبين له فساد ذلك الاعتقاد. ثم هل يجب عليه إفساد ذلك المذهب ، وحل تلك الشبهة التي ألقاها إليه؟ ينظر ، فإن كان في الناس من يقوم مقامه في حل تلك الشبهة عليه لم يلزمه إلا القدر الذي ذكرناه ، ويكون حل تلك الشبهة عليه من فروض الكفايات ، وإن لم يكن في العلماء من يقوم مقامه في حل تلك الشبهة ، أو كان في العلماء الذين يقومون مقامه في الحل كثرة ، غير أن لبيانه مزية على بيانهم ، فإن الواجب أن يظهر من ذلك الاعتقاد التوبة ، ثم يبين وجه الخطأ فيه ويحل له الشبهة التي ألقاها إليه ، فهذه طريقة القول في ذلك.
ومما يشبه هذه الجملة ، الكلام في المفتي إذا أخطأ ، ما الذي يلزمه إذا أراد التوبة عنه؟ وجملة القول فيه : أن من أفتى ، فإما أن تكون فتواه فيهما الحق فيه واحد وأخطأ فيلزمه التوبة عنه وأن يذكر للمستفتي خطأه في ذلك ، وإما أن تكون فتواه فيما لا يتعين الحق فيه واحد بل يكون طريقه الاجتهاد ، ثم إنه في ذلك بين أن يكون قد وفي الاجتهاد حقه غير أنه ترجح لديه وجه على الوجه الذي أفتى به فلا يلزمه والحال