هذه شيء ، إذ لم يكن عليه غير تأدية الاجتهاد حقه وقد فعل ، وبين أن لا يكون قد وفي الاجتهاد حقه بل أفتى فيما بدا له ، فيلزمه والحال هذه أن يتوب عن ذلك ، ويبين للمستفتي أني قد قصرت في الجوانب ولم أؤد الاجتهاد حقه.
وقريب من هذا ، الكلام في الحاكم إذا أخطأ في الحكومة ، لأنه إما أن يكون قد حكم بما الحق فيه واحد ، أو بما طريقه الاجتهاد. فإن كان قد حكم بما ألحق فيه واحد وأخطأ لزمه أن يتوب عن ذلك ويظهر للمحكوم له والمحكوم عليه خطأه في الحكم ، وإن حكم بما في طريقه الاجتهاد ، فإما أن يكون قد وفي الاجتهاد حقه وحكم بما أدى إليه الاجتهاد ثم تغير حاله في الاجتهاد ورأى القوة في خلاف ما حكم به ، وإما أن لا يكون قد وفى الاجتهاد حقه بل حكم بما بدا له ، فإن كان الأول فلا شيء عليه البتة ، إذ الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد ، اللهم إلا أن يكون قد ظهر له أن القوة في أحد الوجهين قبل الحكم إلا أنه حكم بالأضعف عنده ، فحينئذ يلزمه الحكم بالأقوى والرجوع إلى المحكوم عليه وبيان أن الحكم كيت كيت ، وإن كان الثاني فإن الواجب أن يتوب عن ذلك ويبين للمحكوم له والمحكوم عليه أن الحكم كذا وكذا وأني لم أحكم يوم حكمت عن اجتهاد. فهذه طريقة القول في ذلك.
فصل في الإمامة
وقد اتصل بباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكلام في الإمامة ، ووجه اتصاله بهذا الباب أن أكثر ما يدخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقوم بها إلا الأئمة.
وجملة ذلك أن معرفة الإمام واجب ، ولسنا نعني به أنه يجب معرفته سواء كان أو لم يكن ، وإنما المراد إذا كان ظاهرا يدعو إلى نفسه ، ولا خلاف في هذا إلا شيء يحكى عن قاضي القضاة أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني ، ومن البعيد أن يكون قد أنكر ما قلناه ، وإنما الذي يقوله أن ذلك لا يجب على الكافة والعوام ، وإنما هو من تكليف العلماء.
فقد حصل لك أنما ادعيناه من وجوب معرفة الإمام على الحد الذي نقوله مجمع عليه.