ويدل على أن خطاب الشارع لهم إنما كان بلغتهم قوله ـ تعالى ـ : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) (١) وقوله ـ تعالى ـ فى صفة القرآن ، ونزوله بلسان العرب (وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (٢) وقوله ـ تعالى ـ (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (٣) وقوله ـ تعالى ـ (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (٤).
والثانى : أنه لو كان لفظ الإيمان فى الشرع معبرا عن وضع اللغة مع غلبة مخاطبة الشارع لبين للأمة نقله ، وتغييره بالتوقيف ، كما عرف سائر الأحكام الشرعية وإلا فالمقصود من الخطاب لا يكون حاصلا ؛ لأنهم لا يحملون ما يخاطبون به من ألفاظهم ، إلا على مصطلحهم ، ولا يخفى ما فيه من الخلل ولو ورد فيه توقيف ؛ لكان متواترا ؛ إذ الحجة لا تقوم بالآحاد.
ولو كان كذلك ؛ لاشترك الناس فى معرفته ، كاشتراكهم فى معرفة ما ورد به من الأحكام الشرعية.
وأما أن الإيمان مختص بالقلب. فيدل عليه الكتاب ، والسنة.
أما الكتاب : فقوله ـ تعالى ـ (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٥) وقوله ـ تعالى ـ (وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (٦) وقوله ـ تعالى ـ (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (٧) وقوله تعالى (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) (٨) وقوله ـ تعالى ـ (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (٩)
وأما السنة : فما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أنه كان يقول : يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبى على دينك) (١٠).
__________________
(١) سورة إبراهيم ١٤ / ٤.
(٢) سورة النحل ١٦ / ١٠٣.
(٣) سورة يوسف ١٢ / ٢.
(٤) سورة الشعراء ٢٦ / ١٩٥.
(٥) سورة الحجرات ٤٩ / ١٤.
(٦) سورة المائدة ٥ / ٤١.
(٧) سورة النحل ١٦ / ١٠٦.
(٨) سورة المجادلة ٥٨ / ٢٢.
(٩) سورة الانعام ٦ / ١٢٥.
(١٠) رواة الترمذي في القدر ٤ / ٤٤٨ ، ٤٤٩ عن انس ـ رضى الله عنه ـ وهو حديث حسن.