وغاية ما يلزم من إنكار الأحوال على رأى قدماء المعتزلة ، إنكار كون الوجود حالا ، ولا يلزم من ذلك اتحاد معنى الذات ، والوجود.
وأما تكفير الروافض ، والخوارج ، بتكفيرهم لبعض الصحابة ؛ فدعوى محل النزاع.
قولهم : بأنهم كذبوا الله ورسوله ، إنما يلزم ذلك مع اعتقاد تناول التزكية من الله ورسوله لمن آمن ، وليس كذلك.
وما ورد فى حق آحاد الصحابة ممن قضوا بتكفيره ، فأخبار آحاد لا يكفر مخالفها وبتقدير أن تكون متواترة ، فإنما يلزم التكذيب والكفر فى حق الروافض ، والخوارج ، أن لو لم يكن ذلك بتأويل ، وأما إذا كان بتأويل فلا نسلم التكفير لمن كفر بعض الصحابة.
وعلى هذا ـ فلم قلتم إن تكفيرهم لهم من غير تأويل ، ووجه التأويل يحمل ما ورد في حقهم على شرط سلامة العاقبة من الكفر ، وسلامة العاقبة غير معلومة وإلا كان الصحابة معصومين من الكفر ؛ ولم يقل به قائل.
قولهم : إن الأمة مجمعة على أن من كفر أحدا من الصحابة فهو. كافر.
قلنا : مع التأويل ، أولا مع التأويل الأول : ممنوع ، والثانى مسلم ، فلم قالوا : إن الروافض ، والخوارج غير متأولين فى تكفيرهم لبعض الصحابة ، وقوله ـ عليهالسلام ـ : «من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما» من أخبار الآحاد ؛ فلا يحتج به فى التكفير ، وبتقدير أن يكون متواترا فيتعذر حمله على ظاهره.
ولهذا فإن من ظن بشخص أنه يهودى فقال له : يا كافر ؛ فإنه لا يلزم منه كفر واحد منهما ، فلا بد من التأويل.
وعند هذا فأمكن تأويله بما إذا قال له يا كافر مع اعتقاد إسلامه ، وذلك لم يتحقق فيما نحن فيه.
وأما تكفير المشبهة : باعتقادهم كونه ـ تعالى ـ جسما إنما يلزم ذلك إن قالوا : إنه جسم كالأجسام ، وليس كذلك.
قولهم : إنهم جاهلون بالله ؛ فجوابه على ما سبق.
قولهم : إنهم عبدوا الجسم وهو غير الله ، ومن عبد غير الله فهو / كافر ، إنما يلزم ذلك مع اعتقاده ، أن ما عبده غير الله ـ وليس كذلك ـ وخرج عليه عابد الصنم ؛ فإنه يعتقد أنه غير الله.