الفصل السادس
فى التوبة وأحكامها (١)
أما التوبة :
ففى اللغة : عبارة عن الرجوع ، ومنه قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) (٢) : أى رجع عليهم بالتفضل ، والإنعام ؛ ليرجعوا بالطاعة.
وأما فى الشرع : فعبارة عن الكلام على ما وقع به التفريط من الحقوق من جهة كونه حقا ، مع العزم على أن لا يعود إلى مثل ما فعل فى المستقبل ، عند كونه أهلا لفعله فى المستقبل.
وإنما قلنا : إن الندم توبة. لقوله ـ عليهالسلام ـ : «الندم توبة».
وإنما قلنا : على ما فرط من الحقوق ، لأنه لو لم يندم على فعل معصية ، أو على فعل ما ليس طاعة ، ولا معصية ؛ فإنه لا يكون توبة.
وإنما قلنا : من جهة كونه حقا ؛ لأنه لو شرب الخمر [(٣) وحصل منه تألم فى جسمه ؛ فتندم على ما فرط منه من شرب الخمر] لما أفضى إليه من الألم ؛ فإنه لا يكون توبة.
وإنما قلنا : مع العزم على أن لا يعود إلى مثل ما فعل فى المستقبل ؛ لأنه ملازم للندم على ما فعل.
وإنما قلنا : عند كونه أهلا له : احترازا عما إذا زنى ثم جبّ ، أو كان مشرفا على الموت ؛ فإن العزم على ترك الفعل فى المستقبل ، غير متصور منه ؛ لعدم تصور الفعل منه فى المستقبل.
__________________
(١) قارن ما ورد هنا بما نقله شارح المواقف فى المرصد الثانى من الموقف السادس [المقصد العاشر فى التوبة] فقد اعتمد فى شرحه للمواقف على ما أورده الآمدي ونقل عنه نقولا كثيرة بلغت ستة من ص ٢١٨ ـ ٢٢٣. ولمزيد من البحث والدراسة : انظر غاية المرام للآمدى ص ٣١٣ وما بعدها والإرشاد للجوينى ص ٤٠١ وشرح الأصول الخمسة للقاضى عبد الجبار ص ٧٨٩ وما بعدها والمغنى له أيضا ١٤ / ٢٤٤ وما بعدها. وشرح المقاصد ٢ / ١٧٧ وما بعدها وشرح العقيدة الطحاوية ص ٣٥٣.
(٢) سورة التوبة : ٩ / ١١٨.
(٣) ساقط من أ.