كيف وأن الإجماع لا بدّ وأن يعود إلى مستند من الكتاب ، والسّنة ولو كان له مستند لقد كانت العادة تحيل أن لا ينقل مع توفّر الدّواعى على نقله ، فحيث لم ينقل مستنده ، علم أنه غير واقع فى نفسه.
سلمنا دلالة ما ذكرتموه على وجوب نصب الإمام ، غير أنه معارض بما يدل على عدمه وبيانه من ثلاثة أوجه : ـ
الأول : أنّ نصب الإمام لو كان واجبا ؛ فإما أن يكون واجبا على الله ـ تعالى ، أو على العبيد ، الأول : محال ؛ لما سبق فى التعديل والتجويز (١).
وإن كان الثانى : فإمّا أن يكون ذلك لفائدة ، أو لا لفائدة.
فإن كان لا لفائدة : فهو عبث ، والعبث لا يكون واجبا.
وإن كان لفائدة ؛ فإما أن ترجع إلى الله ـ تعالى ـ أو إلى العبيد.
الأول : محال ؛ لأن الله ـ تعالى ـ ويتقدّس عن الأغراض ، والضرر ، والانتفاع ، وإن عادت إلى العبيد فإما دينيّة ، أو دنيويّة.
فإن كانت دينيّة ، فإمّا معرفة الله ـ تعالى ـ على ما قاله الملاحدة.
أو لإقامة القوانين الشّرعية كما قاله الإماميّة. والأول محال لأن العقل كاف فى معرفته ، ومعرفة جميع القضايا العقلية ، ولا حاجة إلى تعريف ذلك بالإمام (٢).
والثانى ممتنع لوجهين :
ـ الأول : أنه يكفى فى معرفة ذلك كتاب الله ـ تعالى ـ وسنة رسوله على ما [جرت] (٣) العادة به فى زمن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى وقتنا هذا.
الثانى : أنه ما من مسألة اجتهادية ، إلّا ويجوز لكل واحد من المجتهدين أن يخالفه فيها بما يؤدى إليه اجتهاده ، فكيف يكون واجب الطّاعة ، مع جواز المخالفة ، ولا يكون فى نصبه فائدة /
__________________
(١) انظر ما سبق فى القاعدة الرابعة ل ١٧٤ / ب وما بعدها.
(٢) قارن بما ذكره القاضى عبد الجبار فى المغنى ٢٠ / ٣٤ من القسم الأول.
(٣) ساقط من أ.