الوجه الثالث : هو أن الإمام له شروط قلما توجد فى / / كل عصر.
وعند ذلك فإن أقام الناس إماما اختل فيه شرط من شروط الإمامة فما فعلوا الواجب ، وإن لم يقيموه ، فقد تركوا الواجب ، واجتماع الأمة على ترك الواجب محال ، وهذه المحالات إنما لزمت من القول بوجوب نصب الإمام ؛ فلا وجوب (١).
نعم إن أدّى اجتهادهم إلى إقامة أمير ، أو رئيس عليهم ، يتقلد أمورهم ويرتّب جيوشهم ، ويحمى حوزتهم ، ويأخذ على أيدى السفهاء منهم ، وينتصف للمظلوم من الظّالم ، ويقوم بذلك كله على وجه العدل والإنصاف ، فلهم ذلك من غير أن يلزمهم بذلك حرج فى الشرع أصلا (٢).
والجواب : أمّا منع تصوّر انعقاد الإجماع ، ومنع كونه حجة ، ومنع التّواتر وإفضائه إلى العلم ؛ فقد سبق جوابه ، وإبطال كل ما يرد عليه فى قاعدتى النظر والنبوات (٣).
قولهم : لا نسلم وجود الاجماع فيما نحن فيه.
قلنا : دليله ما سبق.
قولهم : يحتمل أن يكون ثمّ / نكير.
قلنا : لو وجد النّكير فى مثل هذا الأمر العظيم لنقل ، فإن العادة تحيل عدم نقل مثل هذه الأمور على ما تقدم. وقول عمر ـ رضى الله عنه ـ ليس فيه ما يدل على انتفاء وقوع [الإجماع] (٤) على وجوب نصب الإمام ؛ بل غايته الدلالة على كون بيعة أبى بكر ، وتعيينه بالعقد مما وقع فلتة بغتة ، وليس فيه أيضا دلالة على انتفاء وقوع الإجماع ، على تعيين أبى بكر ؛ فإنه لا مانع من وقوع الإجماع على ذلك بغته ، وإن قدّر الاختلاف فى التعيين أولا (٥).
قولهم : لو وجد الإجماع ؛ لنقل مستنده من الكتاب أو السنة.
__________________
/ / أول ل ١٥٢ / أ.
(١) قارن بما ورد فى المغنى ٢٠ / ٥٠ وما بعدها ، وبشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٨٢.
(٢) قارن بما ورد فى غاية المرام ص ٣٦٩ ، وبما ورد فى شرح المواقف ص ٢٨١ وما بعدها الّذي تأثر به ، والمغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ٨٩ وما بعدها.
(٣) عن قاعدة النظر ارجع إلى الجزء الأول ل ١٥ / ب وما بعدها. أما قاعدة النبوات فارجع إلى الجزء الثانى ل ١٢٨ / أوما بعدها.
(٤) ساقط من أ.
(٥) قارن ما ذكره الآمدي هاهنا بما ذكره فى غاية المرام ص ٣٧٣ وبما ذكره فى الإحكام فى أصول الأحكام ٢ / ٤١ وما بعدها.