الرابع : هو أن فعل الكبيرة مما ينافى الإيمان ، ولو كان الإيمان فى الشرع هو التصديق ، لما كان فعل الكبيرة مناقضا له ، وبيان مناقضة فعل الكبيرة للإيمان قوله ـ تعالى ـ (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (١). وقوله ـ تعالى ـ فى حق مرتكب بعض الكبائر : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) (٢) فدلّ مجموع الآيتين علي أن مقارف الكبيرة ليس مؤمنا.
الخامس : أن المؤمن غير مخزى لقوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) (٣). وقد قال ـ تعالى ـ فى حق قطاع الطريق : (ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٤) ومجموع الآيتين يدل على أن قاطع الطريق ليس مؤمنا مع أنه مصدق بالله ـ تعالى ـ ، وهذا دليل على أن الإيمان فى الشّرع ليس هو التصديق.
السادس : أن المستطيع إذا ترك الحجّ من غير عذر ؛ فهو كافر لقوله ـ تعالى ـ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٥) ولو كان الإيمان فى الشرع هو التصديق ؛ لما كان كافرا ؛ لكونه مصدقا.
السابع : هو أن من لم يحكم / بما أنزل الله ؛ [فهو كافر لقوله ـ تعالى ـ (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ]) (٦) فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (٧). ولو كان الإيمان فى الشرع هو التصديق ؛ لما كان كافرا ؛ لكونه مصدقا.
الثامن : أن الزّانى ليس بمؤمن لقوله عليهالسلام : «لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن» (٨). ولو كان الإيمان هو التصديق ؛ لما كان الزّانى غير مؤمن ؛ لكونه مصدقا.
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ / ٤٣.
(٢) سورة النور ٢٤ / ٢.
(٣) سورة التحريم ٦٦ / ٨.
(٤) سورة المائدة ٥ / ٣٣.
(٥) سورة آل عمران ٣ / ٩٧.
(٦) ساقط من أ.
(٧) سورة المائدة ٥ / ٤٤.
(٨) الحديث متفق عليه أخرجه البخارى ومسلم. (صحيح البخارى : الحديث رقم ٦٧٧٢ (كتاب الحدود) عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ ، وأخرجه مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة أيضا (كتاب الإيمان) ١ / ٧٦.