الثّاني : أن عددهم لم يكن زائدا على عدد قوم موسى الذين ضلوا بعبادتهم للعجل ، مع علمهم أن العجل لا يكون إلها معبودا.
سلمنا دلالة ما ذكرتموه على صحة الاختيار ، وإبطال التنصيص ؛ ولكنه معارض بما يدل على نقيضه.
بيانه من جهة المعقول ، والمنقول :
أما من جهة المعقول فمن خمسة عشر وجها :
الأول : أن الإمام يجب أن يكون معصوما ، وأن يكون أفضل من رعيته فى كل ما هو إمام فيه ، وأن يكون عالما بكلّ أمور الدّين على ما يأتى تحقيقه / وأن لا يكون كافرا فى نفسه ، وكل ذلك مما لا يعلمه المختارون له ؛ فلا تكون إمامته ثابتة بالاختيار (١).
الثّاني : هو أن المختارين له لا يملكون التصرّف فى أمور المسلمين ؛ ومن لا يملك ذلك لا يملك أن يملّك غيره ذلك (٢).
الثّالث : أن المختار لو أراد أن يجعل غيره نافذ الحكم عليه وحده ، أو على غيره وحده ، لما صح ذلك منه بالإجماع ؛ فلأن لا يصح منه أن يجعل غيره نافذ الحكم عليه ، وعلى غيره مطلقا أولى (٣).
الرابع : أنه لو ثبتت الإمامة بالاختيار ؛ لكان لمن أثبتها إزالتها كما فى التوكيل ، فحيث لم يؤثر الاختيار فى الإزالة دلّ على أنه لا يؤثّر فى الإثبات (٤).
الخامس : أنّ ثبوت الإمامة بالاختيار مما يفضى إلى الفتن ووقوع الاختلاف ، وذلك خلاف المقصود من نصب الإمام.
وبيان لزوم ذلك : أنّ الناس مختلفون فى المذاهب ، والأغراض ؛ فكل يميل إلى عقد الإمامة / / لمن هو على مذهبه ، وموافقة غرضه ؛ وذلك سبب الاختلاف لا محالة (٥).
__________________
(١) قارن هذا الطعن فى الاختيار بما ورد فى المغنى ٢٠ / ١ / ١٠٣ ، ونهاية الأقدام ٤٨٦ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٩٠.
(٢) انظر الرد على هذا الاعتراض فى المغنى ٢٠ / ١ / ٢٧٦ وما بعدها.
(٣) انظر الرد على هذا الاعتراض فى المغنى ٢٠ / ١ / ٣٠٦ وما بعدها.
(٤) انظر الرد على هذا الطعن فى المغنى ٢٠ / ١ / ٣٠٥.
/ / أول ل ١٥٤ / أ.
(٥) انظر الرد على هذا الاعتراض فى المغنى ٢٠ / ١ / ٣٠١ ، وشرح المواقف. الموقف السادس ص ٢٩٠.