والتّنصيص / على ما يتعلق بباب الاستنجاء والتيمم وغير ذلك من الأمور التى هى أدنى من الإمامة ؛ فكان التعريف لها ، والتنصيص عليها أولى (١).
الثانى عشر : أنّا نعلم من حال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه كان للأمة فى تدبيره لهم كالوالد لولده. وإليه الإشارة بقوله ـ عليهالسلام ـ «إنما أنا لكم مثل الوالد لولده» (٢) وإذا كان الوالد يجب عليه الوصية عند موته لمن يسوس أطفاله بعده ؛ فكذلك النبي عليهالسلام وجب أن يوصى لمن يقوم بأمور أمته بعد موته (٣).
الثالث عشر : قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (٤) وإنما يكون الدين مكملا أن لو بيّن فيه كل ما يتعلق به ، والإمامة فمتعلقة بالدين ؛ فوجب أن يكون قد بيّنها إما فى كتاب الله ، أو [فى] (٥) سنة رسوله. وعلى كل تقدير فتكون منصوصة.
الرابع عشر : أنّه قد علم من حال النبي صلىاللهعليهوسلم أنه ما كان يخرج من المدينة إلا ويستخلف فيها على الرعيّة من يقوم بأحوالهم ، وينصّ عليه. ولم يكن ذلك من قبيل ما منه بد وإلّا لوقع الإخلال به ولو مرة واحدة ، فكان لا بدّيا ، وإنما كان كذلك لتعذر سياسته لهم مع الغيبة ؛ فبعد الموت أولى بالاستخلاف (٦).
الخامس عشر : هو أن تعيين الإمام بعد أن ثبت وجوب نصب الإمام لازم لا محالة ، وهو إما أن يستند إلى النّصّ ، أو الاختيار.
لا جائز أن يستند إلى الاختيار ، وإلّا لما وجبت طاعة الإمام على الرعيّة من جهة أن الاختيار لا مستند له ، ولأنه إنما صار إماما بإقامتهم له ؛ فهم أصل بالنسبة إليه ، والأصل لا يجب عليه طاعة التابع ، وإذا بطل القول بالاختيار تعيّن التنصيص (٧).
__________________
(١) قارن هذا الاعتراض والرد عليه بما ورد فى غاية المرام للآمدى ص ٣٨٠.
ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٤٨٦ ؛ ص ٤٩٢.
(٢) والحديث بتمامه «إنما أنا لكم مثل الوالد لولده ، أعلمكم إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها» مسند الإمام أحمد ٢ / ٢٤٧ ، ٢٥٠ ، وسنن ابن ماجه ١ / ١١٤.
(٣) انظر الرد على هذا الاعتراض فى المغنى ٢٠ / ١ / ١٠٢ ، ٣١٧.
(٤) سورة المائدة ٥ / ٣.
(٥) ساقط من أ.
(٦) انظر الرد على هذا الاعتراض فى المغنى ٢٠ / ١ / ١٨١ ، والمواقف فى علم الكلام ص ٤٠٤.
(٧) انظر الرد على هذا الاعتراض فى المغنى ٢٠ / ١ / ٣٠١.