التاسع : أن من مات ولم يحج ؛ فهو كافر لقوله ـ عليهالسلام ـ «من مات ولم يحجّ فليمت إن شاء يهوديا ، وإن شاء نصرانيا» (١) ، ولو كان الإيمان هو التصديق ؛ لما كان كافرا ؛ إذ هو مصدق بالله ـ تعالى.
العاشر : أنّ من ترك الصّلاة متعمدا ؛ فهو كافر لقوله عليهالسلام : «من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر» (٢) ولو كان الإيمان هو التّصديق ؛ لما كان كافرا ؛ لكونه مصدقا.
الحادى عشر : أنه لو كان الإيمان هو التصديق بالله ـ تعالى ـ فى الشرع ، لما كان من قتل نبيا ، أو استخفّ به ، أو سجد بين يدى صنم مع كونه مصدقا ؛ كافر ؛ وهو خلاف اجماع الأمة.
الثانى عشر : أن فعل الواجبات هو الدين لقوله ـ تعالى ـ (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (٣) والإشارة فى قوله ـ تعالى ـ (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) راجعة إلى جملة المذكور السابق والدين هو الإسلام لقوله ـ تعالى ـ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٤). والإسلام هو الإيمان ؛ لأنه لو كان غيره لما قبل من مبتغيه لقوله ـ تعالى ـ (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (٥) ولو كان الإيمان فى الشّرع هو التصديق ؛ لما كان الإيمان هو فعل الواجبات.
الثالث عشر : أنه لو كان الإيمان فى الشرع هو التصديق ؛ لما صح وصف المكلف به حقيقة إلا فى وقت صدوره منه كما فى سائر الأفعال ، ولو كان كذلك لما وصف النائم فى حالة منامه ، والغافل فى حالة غفلته بكونه مؤمنا حقيقة ؛ وهو خلاف الاجماع ؛ وذلك يدل على تغير الوضع فى لفظ الإيمان.
الرابع عشر : أنه لو كان الإيمان باقيا على وضعه فى الشّرع ؛ لصحّ أن يقال فى الشرع لمن صدق بألوهية غير الله ـ تعالى ـ مؤمنا ؛ وهو خلاف الإجماع.
__________________
(١) أخرجه الإمام الترمذي فى سننه ٣ / ١٦٧ كتاب الحج ـ عن على بن أبى طالب رضى الله عنه ـ قال عنه الترمذي ـ حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وفى اسناده مقال.
(٢) رواه ابن ماجه فى سننه عن أبى الدّرداء ١ / ١٣٣٩ ـ كتاب الفتن ـ ضمن حديث طويل بلفظ «ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدا ، فمن تركها متعمدا ؛ فقد برئت منه الذمة».
(٣) سورة البينة ٩٨ / ٥.
(٤) سورة آل عمران ٣ / ١٩.
(٥) سورة آل عمران ٣ / ٨٥.