وأما من جهة المنقول : فاعلم أن من قال بالتنصيص فقد اتفقوا على أن المنصوص عليه غير خارج عن أبى بكر ، وعليّ ، والعباسى ، رضى الله عنهم (١).
فأما من قال بأن المنصوص عليه أبو بكر : فقد اختلفوا ، فمنهم من قال : إنه نصّ عليه نصا جليا : كبعض أصحاب الأشعرى ، وبعض أصحاب الحديث (٢).
وذلك ما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال «ائتونى بدواة وقرطاس أكتب إلى أبى بكر كتابا لا يختلف فيه اثنان» (٣). ثم إنه قال «يأبى الله ورسوله إلّا أبا بكر» (٤).
وأيضا قوله عليه ـ الصلاة والسلام ـ «اقتدوا باللّذين من بعدى أبى بكر ، وعمر» (٥) ، وذلك يدل على جواز الاقتداء بهما ، وهو نص على إمامة أبى بكر.
وأيضا قوله عليهالسلام «الخلافة بعدى ثلاثون سنة ثم تصير ملكا» (٦). وذلك تنصيص على خلافة الخلفاء الأربعة على الترتيب ، حيث وقع الأمر كذلك.
ومنهم من قال إن النص / / عليه خفى / : كالحسن البصرى (٧) ؛ وذلك كتقديمه فى الصلاة.
وأما من قال بأنّ المنصوص عليه العبّاس : قال : إن النّصّ فى حقه خفى ، فإنه قد ورد فى حقّه ـ من الأقوال ما يدل على أنّه أحقّ بالإمامة من غيره ، كقوله ـ عليهالسلام ـ «هو عمّى ، وبقيّة آبائى» (٨). إلى غير ذلك.
وأما من قال بأنّ المنصوص عليه عليّ كرّم الله وجهه : فقد اتفقوا على النّص الخفىّ. واختلفوا فى النّصّ الجلىّ ، فأثبته الإمامية دون الزّيدية.
__________________
(١) قارن ما أورده الآمدي هاهنا بما ورد فى اللمع للأشعرى ص ١٣١ والإبانة له أيضا ص ١٨٨ والمغنى ٢٠ / ١ / ١١٢.
(٢) منهم ابن حزم الظاهرى. انظر الفصل ٤ / ١٠٧.
(٣) ورد بألفاظ متقاربة فى صحيحى البخارى ومسلم. صحيح البخارى ٦ / ١١ وصحيح مسلم ٥ / ٧٦.
(٤) ورد فى مسند أحمد ٤ / ٣٢٢ ، وصحيح مسلم ٧ / ١١٠.
(٥) مسند أحمد ٥ / ٣٨٢ ، وصحيح الترمذي ٥ / ٦٠٩.
(٦) ورد بألفاظ متقاربة فى مسند الإمام أحمد ٥ / ٢٢٠.
/ / أول ل ١٥٤ / ب.
(٧) ومنهم أيضا : ابن أبى العز الحنفى شارح العقيدة الطحاوية ص ٥٥٢ ـ ٥٥٩. قال : «اختلف أهل السنة فى خلافة الصديق رضي الله عنه : هل كانت بالنص ، أو بالاختيار فذهب الحسن البصرى وجماعة من أهل الحديث : إلى أنها ثبتت بالنص الخفى والإشارة ، ومنهم من قال بالنص الجلى. وذهب جماعة من أهل الحديث والمعتزلة والأشعرية إلى أنها ثبتت بالاختيار. والدليل على إثباتها بالنص أخبار» ثم ذكر أكثر من عشرة أحاديث للدلالة على صحة ما ذهب إليه وترجيحه. (شرح العقيدة الطحاوية لابن أبى العز الحنفى من ص ٥٥٢ إلى ص ٥٥٩).
(٨) ورد فى مجمع الزوائد ٩ / ٦٦٩ بلفظ «احفظونى فى العباس فإنه بقية آبائى». وفى رواية أخرى «استوصوا بالعباس خيرا فإنه بقية آبائى فإنما عم الرجل صنو أبيه».