وقد احتجوا عليه بأنّ الإماميّة مع كثرتهم فى زماننا كثرة لا يتصور على مثلهم التواطؤ على الكذب قد نقلوا النّصّ الجلىّ على عليّ عمّن تقدّمهم ونقلوا أن من تقدّمهم أخبرهم بذلك ، وكانوا فى الكثرة إلى حدّ لا يتصوّر عليهم التواطؤ على الكذب.
وأنّهم أخبروا بذلك وأخبروهم أنّ من أخبرهم بذلك كان حاله كحالهم وهلم جرا ، إلى النّبي صلىاللهعليهوسلم والمخبر به محسوس مشاهد وهو خبر النبي صلىاللهعليهوسلم وقوله ، فكان خبرهم متواترا ، والتواتر مفيد للعلم كما تقدّم تحقيقه (١).
ولا يمكن أن يقال بأنّ ذلك مما وضعه بعض النّاس فى بعض الأعصار ، ثم اشتهر وشاع وذاع بحيث نقله عدد التواتر ؛ لأنّه من الأمور العظيمة المتضمّنة تخطئة الأمّة فيما اتفقوا عليه من عقد الإمامة لغير عليّ.
وما كان كذلك فالدّواعى تكون متوفّرة على نقله ، وإشاعته من القائلين بعدم التنصيص ؛ لإظهار إبطال القول بالتّنصيص وإفساده ، لا سيما وهم غير خائفين فى نقله ، فإنّه لم تزل الغلبة لهم فى كلّ عصر.
ومن قال بالتّنصيص تحت القهر والتّقية ، فحيث لم ينقل ذلك دلّ على إبطاله ، ولا يمكن أن يقال إنّما يلزم [نقل] (٢) ذلك أن لو عرف واضعه ، وقت حدوثه ، وليس كذلك ؛ بل أمكن أن يكون من وضع [بعض] (٣) الناس ، وقد تناقلته الألسنة ، واشتهر من غير أن يعرف واضعه ، ووقت حدوثه. كما فى الأراجيف الواقعة فى كلّ زمان ؛ لأنّ القول بتجويز ذلك ممّا يوجب تطرّقه إلى كل خبر متواتر ويخرج التّواتر عن كونه مفيدا للعلم ؛ وهو محال.
وأما النّصوص الخفية فكثيرة :
الأول منها : أنهم قالوا إنا قد بيّنا فى الأدلّة العقليّة امتناع ثبوت الإمامة بالدعوة ، والاختيار. وأنّه لا بدّ وأن يكون الإمام منصوصا عليه وقد انعقد الإجماع على أنّ المنصوص عليه لا يخرج عن أبى بكر ، والعباسى ، وعليّ (٤).
__________________
(١) راجع ما مر فى القاعدة السادسة ـ الأصل الثانى ـ الفصل الأول : فى الدليل السمعى وأقسامه ، وأنه هل يفيد اليقين ، أم لا؟ ل ٢١٥ / ب وما بعدها.
(٢) ساقط من «أ».
(٣) ساقط من «أ».
(٤) قارن ما ورد هاهنا بما ورد فى اللمع للأشعرى ص ١٣١ ، والإبانة له أيضا ص ٨٨ والمغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ١ / ١١٨ ، ١١٩ ، وأصول الدين للبغدادى ص ٢٧٩.