وأبو بكر غير منصوص عليه لوجهين :
الأول : انّه قد نقل عنه أنّه قال : «وددت أنّى سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم / عن هذا الأمر فيمن هو ؛ فكنّا لا ننازعه أهله» (١).
ولو كان منصوصا عليه ؛ لكان أعلم به.
الثانى : أنّه لو كان منصوصا عليه لما وافق على البيعة ؛ لأنّه يكون من أعظم المعاصى ؛ وذلك قادح فى إمامته.
والعبّاس أيضا غير منصوص عليه ؛ لأنه لما مرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال العبّاس لعليّ «أدخل بنا عليه لنسأله عن هذا الأمر ؛ فإن كان لنا بيّنه ، وإن كان لغيرنا ؛ وصّى النّاس بنا» (٢). ولو كان العبّاس منصوصا عليه ؛ لكان أعلم به من غيره.
وإذا بطل أن يكون المنصوص عليه أبا بكر ، والعبّاس ؛ تعيّن أن يكون عليا ـ عليهالسلام ـ عملا بالإجماع.
الثانى : أن عليا ـ عليهالسلام ـ أفضل الصّحابة ، والأفضل يجب أن يكون هو الإمام وإلا كان الأكمل الأفضل تبعا للأنقص ؛ وهو قبيح عقلا ، وإذا كان إماما فقد بيّنا أن الإمامة لا تكون إلّا بالتّنصيص ؛ فكان عليّ هو المنصوص عليه.
وبيان كونه أفضل الصحابة من ثمانية عشر وجها :
الأول : قوله تعالى : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (٣) الآية ، ووجه الاستدلال بها أنه ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ دعا عليا إلى ذلك المقام ، وذلك يدلّ على أنّه أفضل من جميع الصّحابة ، وبيان دعائه إليه ما ورد فيه من الأخبار الصّحيحة ، والرّوايات الثابتة عند أهل النقل.
__________________
(١) ورد فى تاريخ الطبرى ٣ / ٤٣١ «وددت أنى سألت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لمن هذا الأمر فلا ينازعه أحد ، وددت أنى كنت سألته هل للأنصار فى هذا الأمر نصيب».
(٢) فى المصنف ٥ / ٤٣٥ «فاذهب بنا إليه فلنسأله ؛ فإن يك هذا الأمر إلينا علمنا ذلك وإلا يك أمرناه أن يستوصى بنا خيرا ، فقال له على : أرأيت إذا جئناه فلم يعطناها ، أترى الناس أن يعطوها ، والله لا أسأله إياها أبدا ، وقارن بألفاظ متقاربة صحيح البخارى ٨ / ١٠١ وشرح نهج البلاغة ١ / ٣٠٩.
(٣) سورة آل عمران ٣. ٦١.