[قلنا] (١) : إنّما يصحّ أن لو اشترط فى إطلاق الاسم المشتق حقيقة وجود المشتق منه حالة الاطلاق ، وليس كذلك ، وإلّا لما صحّ اطلاق اسم الماشى ولا القائل حقيقة ولا مجازا.
أما أنه لا يصحّ حقيقة : فلأن اسم المشى لحركات متعاقبة مخصوصة لا وجود لها معا ، وكذلك القول عبارة عن حروف منظومة متعاقبة لا وجود لها معا ، وأما أنه لا يصح بجهة المجاز ؛ فلأن المجاز مستعار من محل الحقيقة فإذا لم يكن حقيقة فلا مجاز ، وبتقدير اشتراط بقاء المشتق منه لاطلاق الاسم المشتق حقيقة ، غير أن الظّالم حالة اتّصافه بالظلم يصدق عليه فى ذلك الوقت أنّه لا ينال عهد الله ، وذلك عامّ فى الوقت الحاضر ، وغيره من الأوقات المستقبلة ، ولهذا يصحّ استثناء جميع الأوقات المستقبلة ، فيقال : الظالم لا ينال عهد الله إلّا بعد زوال ظلمه ، والاستثناء يدل على خروج ما لو لاه ، لكان داخلا تحت اللفظ ، وإذا بطل أن يكون أبو بكر ، والعبّاس إماما تعيّن أن يكون الإمام عليا / وأن لا يكون قد كفر طرفة عين عملا بمقتضى الآية ، وحتى لا يخرج الحق عن قول الأمة ، ويلزم من ذلك أن يكون منصوصا عليه لما تقدم (٢).
الرابع : قوله تعالى : ـ (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٣) ووجه الاحتجاج به أن لفظ الولى قد يطلق ويراد به الأولى ، والأحق بالتصرف (٤). ويدل عليه النقل اللغوى والنّص ، والعرف الاستعمالى.
أمّا النّقل اللغوى : فقول المبرّد (٥) الولىّ هو الأولى بالتصرف ، ومنه قول الكميت (٦).
__________________
(١) ساقط من «أ».
(٢) قارن به : الأربعين للإمام الرازى ص ٤٤٦.
(٣) سورة المائدة ٥ / ٥٥.
(٤) قارن بالمعنى فى أبواب التوحيد والعدل ٢٠ / ١٣٣ وما بعدها.
وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣٢٤ وما بعدها. تحقيقنا
(٥) المبرّد : هو أبو العباس محمد بن يزيد الأزدى ولد بالبصرة سنة ٢١٠ ه وتوفى بالكوفة ٢٨٥ ه (وفيات الأعيان ٤ / ٣١٣ ، معجم الأدباء ١٩ / ١١١).
(٦) الكميت : هو أبو سهل بن زيد الأسدى من أهل الكوفة. شاعر وخطيب وفقيه من أشهر شعره «الهاشميات» ولد سنة ٦٠ ه وتوفى سنة ١٢٦ ه.
[الشعر والشعراء ٢ / ٤٨٥ ، جمهرة أشعار العرب ص ٣٥١].