على منه كمنزلة هارون من موسى ، وذلك يدل على أن جميع المنازل الثابتة لهارون بالنسبة إلى / موسى ، ثابتة لعلى بالنسبة إلى النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولفظة منزلة وإن لم يكن فيها صيغة عموم إلّا أن المراد بها التعميم.
وبيانه هو أن قوله منزلة (١) اسم جنس صالح لكل واحد من أحاد المنازل الخاصة ، وصالح للكل ، ولهذا يصح أن يقال : فلان له منزلة من فلان ومنزلته منه أنه قرابة له ، وأنه محبّه ، ونائبه فى جميع أموره ، وعند هذا فلو حملناه على بعض المنازل دون البعض فإما أن تكون معينة ، أو مبهمة.
والأول ممتنع ضرورة عدم دلالة اللفظ على التعيين. والثانى : أيضا ممتنع لما فيه من الإجمال ، وعدم الإفادة. فلم يبق غير الحمل على الجميع. ويدل عليه قوله «إلّا أنه لا نبى بعدى» ، استثنى هذه المنزلة دون باقى المنازل ، ولو لم يكن اللفظ محمولا على كل المنازل ؛ بل على الواحد منها ؛ لما حسن الاستثناء. وإذا ثبت التعميم ؛ فذلك يدل على ثبوت الإمامة لعلى كرّم الله وجه ، وبيانه من وجهين :
الأول : أن من جملة منازل هارون من موسى أنه كان خليفة له على قومه فى حال حياته ، بدليل قوله ـ تعالى إخبارا عن موسى (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) (٢) والخلافة لا معنى لها غير القيام مقام المستخلف فيما كان له من التصرفات ، وإذا كان خليفة له فى حال حياته ؛ وجب أن يكون خليفة له بعد وفاته بتقدير بقائه ، وإلّا كان عزله موجبا لتنقيصه ، والنّفرة عنه / / وذلك غير جائز على الأنبياء.
وإذا كان ذلك ثابتا لهارون وجب أن يثبت مثله لعلىّ عليهالسلام (٣).
الثانى : هو أنّ من جملة منازل هارون بالنسبة إلى موسى أنّه كان شريكا له فى الرسالة بدليل قوله تعالى : (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) (٤) ومن لوازمه استحقاقه للطاعة بعد وفاة موسى أن لو بقى ، فوجب أن يكون ذلك لعلىّ ـ عليه
__________________
(١) ساقط من ب.
(٢) سورة الأعراف ٧ / ١٤٢.
/ / أول ل ١٥٧ / ب.
(٣) قارن بما ورد فى المغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ١ / ١٥٩ ، والأربعين للرازى ص ٤٥١ والمواقف للإيجي ص ٤٠٦ ، ومنهاج السنة لابن تيمية ٤ / ٨٧.
وشرح المواقف للرجانى ـ الموقف السادس ص ٣١٠
(٤) سورة طه ٢ / ٤٣ ، ٤٤.