وهو الأظهر ؛ لأن ذلك كان ليلا ، وأكثر الناس نيام ، ومحجوبون عن رؤيته بجدران بيوتهم.
وأما فتح مكة : عنوة ، أو صلحا : فإنما لم ينتشر ويتواتر إلينا ، وإن وقع ذلك بمشهد من الخلق الكثير ؛ لعدم الفائدة فى نقله ، بخلاف الإمامة ؛ لأن جميع مصالح الدين ، والدنيا متعلقة بها.
وأما البسملة : فلا نسلم أنها آية من أول كل سورة على قول الشافعى رضي الله عنه وهو اختيار القاضى أبى بكر من أصحابنا (١).
قولهم : متى يلزم الانتشار إذا وجد الداعى إلى الكتمان ، أم لا.
قلنا : الفرض أن التنصيص وقع بمشهد من جماعة لا يتصور عليهم التواطؤ على الخطأ ، فلو كتموه ـ وإن كان ذلك لنفع ، أو دفع ضرر ، أو لحسد ـ فيكون خطأ ؛ وهو ممتنع مخالف للفرض (٢).
قولهم : يحتمل اطلاعهم على وجود ناسخ للنّصّ.
قلنا : لو وجد النّص وكان له ناسخ فالعادة تحيل أيضا عدم نقله ، ولم ينقل أحد من الصحابة ذلك.
وقوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (٣) يجب حمله على جماعة يتصور تواطئهم على الخطأ ؛ والفرض فيما نحن فيه بخلافة (٤).
قولهم : إن قوم موسى ـ عليهالسلام ـ ضلّوا بعبادتهم العجل مع علمهم أن العجل لا يكون إلها.
قلنا : وإن سلمنا أنهم ضلّوا بذلك مع كونهم جمعا كبيرا ، غير أنا لا نسلّم أنهم كانوا عالمين بامتناع حلول الإله ـ تعالى ـ فى غيره ، ولعلهم لم ينظروا فى الأدلة المحيلة
__________________
(١) انظر تفسير الفخر الرازى ١ / ٢٠٠.
(٢) قارن به : المغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ١ / ١١٩ وما بعدها ، والإرشاد للجوينى ص ٢٣٧ والأربعين للرازى ص ٤٥٩.
(٣) سورة النمل ٢٧ / ١٤.
(٤) راجع الأربعين فى أصول الدين للرازى ص ٤٥٩.