لذلك ، ويجب اعتقاد ذلك حتى لا يكون الجمع الكثير متفقين على فعل ما يعتقدون بطلانه ؛ إذ هو خلاف العادة ، بخلاف اتفاقهم على ما يعتقدون بطلانه ، وهذا خلاف ما نحن فيه ؛ فإنه ما من أحد من الصحابة إلّا ويعتقد تحريم كتمان نصوص النبي صلىاللهعليهوسلم ـ فى آحاد المسائل الفروعية ، فما ظنك بذلك فى العظائم (١).
وإن سلمنا اعتقادهم لبطلان ذلك ؛ ولكن لا نسلم عدم النكير عليهم من هارون ، وأتباعه بخلاف ما نحن فيه ؛ فإنه لم ينقل عن أحد من الصّحابة نقل النّص.
قولهم : إن الإمام يجب أن يكون معصوما. لا نسلم بذلك على ما يأتى (٢) ، وبتقدير أن يكون معصوما فلا مانع من التّنصيص على عصمته ، وتفويض نصبه إماما إلى اختيارنا.
قولهم : يجب أن يكون أفضل من رعيته وعالما بجميع أمور الدين ، وأحكام / / الشرع. لا نسلم ذلك على ما يأتى / أيضا وبتقدير التسليم ، فيجب ذلك طاهرا ، أو فى نفس الأمر؟ الأول : مسلم. غير أن معرفة ذلك لا تتوقف على التنصيص بدليل نصب القضاة والأمناء. والثانى : ممنوع. وهو الجواب عن قولهم شرطه أن لا يكون كافرا.
وإن سلمنا اشتراط إيمانه فى نفس الأمر ، غير أنا لا نسلم مع ذلك امتناع نصب الإمام بالاختيار ، وذلك ممكن بأن ينص الشارع على إيمان جماعة ، ويفوض تعيين الواحد منهم إلى اختيارنا.
قولهم : إن المختار لا يملك التّصرف فى أمور المسلمين ، فلا يملك تمليك غيره لذلك ؛ فهو باطل بولى المرأة ؛ فإنه لا يملك نكاحها لنفسه ، ويملك تمليك ذلك لغيره ، وكذلك الوكيل لا يملك التّصرف فى منافع العين الموكل فى بيعها ، وهبتها ، ويملك تمليك ذلك من غيره بالبيع ، والهبة (٣).
__________________
(١) قارن بما ورد فى التمهيد للباقلانى ص ١٦٥ وما بعدها. والمغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ١ / ١١٥ ، والإرشاد للجوينى ص ٢٣٧ ، والأربعين للرازى ص ٤٥٩.
(٢) انظر ما سيأتى فى ل ٢٨٥ / ب.
/ / أول ل ١٥٨ / أمن النسخة ب.
(٣) قارن بما ورد فى المغنى ٢٠ / ١ / ٢٧٦ وما بعدها.