قولهم : القرآن مشتمل على كلمات غير عربية لا نسلم ذلك. وما ذكروه من الكلمات فلا نسلم أنها ليست عربية ، وإنما استعملها غيرهم من أرباب اللغات مع نوع تغيير ، كما غير العبرانيون الإنسان : ناسوت ، والإله لا هوت.
قولهم : لا نسلم امتناع استعمال الألفاظ العربية فى غير موضعها لغة ـ
قلنا : لأنها إذا استعملت بإزاء معانى غير معانيها لغة ، كاستعمال لفظ الغنى : بإزاء الفقير ، والفقير : بإزاء الغنى ؛ فلا يكون لغويا : أى لا يكون من لسان العرب أهل اللغة. وعند ذلك فيمتنع مخاطبة الشرع به للعرب ؛ لما سبق.
وقوله : ـ تعالى ـ (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (١). لا نسلم أن المراد به الصلاة ؛ بل المراد به التصديق بالصلاة ، وإنما سمى التصديق بالصلاة ، صلاة على سبيل التجوز ؛ لدلالة الصّلاة على التصديق ، والمجاز من لغة العرب ؛ لا أنه خارج عنها.
وقوله عليهالسلام : نهيت عن قتل المصلين (٢) ... فالمراد به المصدقين على سبيل التجوز أيضا ، وتسمية إماطة الأذى عن الطريق إيمانا ، إنما كان بطريق المجاز أيضا ؛ لدلالتها على الإيمان.
قولهم : الصلاة فى اللغة عبارة عن الدعاء ، والزكاة عبارة عن النمو ، والحج عبارة عن القصد ، وفى الشرع لغير هذه المحامل.
قلنا : لا نسلم التغيير فى هذه الألفاظ ؛ بل هى مستعملة فى الشرع بإزاء ما كانت مستعملة بإزائه فى اللغة ، غير أن الشارع اعتبر فيها شروطا لصحتها فى الشرع من غير أن تكون الشروط ، داخلة فى المسمى ؛ فالشرع تصرف بوضع الشروط للصحة الشرعية لا فى نفس الوضع بالتغيير.
قولهم : لو كان الإيمان فى الشرع هو التصديق ؛ / لكان إيمان النبي النبي صلىاللهعليهوسلم كإيمان العامىّ الغبىّ.
قلنا : التّصديق الواحد بالشّيء ، وإن استحال فيه الزيادة ، والنقصان بين النبي ، والواحد منا ، غير أن الإيمان عرض ، والعرض متجدّد على ما أسلفناه (٣).
__________________
(١) سورة البقرة ٢ / ١٤٣.
(٢) سبق تخريجه فى هامش ل ٢٣٧ / أ.
(٣) راجع ما مر فى الاعراض : الفرع الرابع : فى تجدد الأعراض ل ٤٤ / ب وما بعدها.