قولهم : / إن أحدا من الأمة لا يقدر على تولية ما هو أدنى فى الرتبة من الإمامة ، فالإمامة أولى أن لا يقدر عليها ؛ فجوابها ما سبق فى جواب الشبهة الثالثة.
قولهم : إنّ الإمام خليفة الله ورسوله ، وبالاختيار يخرج عن ذلك ، لا نسلم ذلك ، فإن الله ـ تعالى ـ إذا حكم بخلافته عند الاختيار له ؛ فقد صار خليفة له ولرسوله (١).
قولهم : يلزم من ذلك خلو بعض الأزمنة من نصب الإمام ، مع وجوبه ؛ لما قرروه ؛ ممنوع ، فإنا مهما جهلنا السابق منهما ؛ استأنفنا عقدا لمن يقع عليه الاختيار ؛ لاستحالة خلو الزمان عن الإمام النافذ الحكم (٢).
قولهم : لو جاز إثبات الإمامة بالاختيار ؛ لجاز إثبات النبوة به. فهو تمثيل من غير دليل جامع ، وهو الجواب عن قولهم إن الإمامة من أركان الدين ؛ فوجب أن لا تثبت بغير النص : كالصلوات الخمس (٣).
قولهم : لا يخلو إما أن يكون النبي عالما باحتياج الأمة إلى الإمام ، أو لا يكون عالما بذلك؟
[قلنا : بل كان عالما ومع علمه بذلك] (٤) ، فإنما يلزمه التّنصيص أن لو كلف به من جهة الله ـ تعالى ـ ولعله لم يكن مكلفا به. ولهذا فإنّ كثيرا ممّا تمس الحاجة إلى بيانه ، والتّنصيص عليه من أحكام الوقائع ، مات النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من غير تنصيص عليها ، ولا تبيين ؛ وذلك كأحكام الجد مع الإخوة والأخوات ؛ وقول القائل لزوجته / / أنت عليّ حرام ، وغير ذلك ، ويدل عليه أن الأحكام الشرعية ممّا لا تحصى عددا ، مع أن الآيات الإحكامية على ما قاله أرباب الأصول لا تزيد على خمسمائة آية ، وكذلك الأحاديث الإحكامية ، فإنها وإن كانت ألوفا إلّا أنها منحصرة ، فإذا ترك التنصيص من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على ما تدعو الحاجة إلى معرفته ، وجعله موكولا إلى آراء المجتهدين ، ليس بدعا ، لا عقلا ولا عادة ، ولا شرعا ؛ فكذلك عدم التنصيص على الإمام ، وجعل الأمر فيه موكولا إلى اختيار أهل الحل ، والعقد ؛ لا يكون ممتنعا.
__________________
(١) قارن بالمواقف ص ٣٩٩. وشرحها ـ الموقف السادس ص ٢٩٠ وما بعدها.
(٢) قارن بالمغنى ٢٠ / ١ / ٥٠ ، ٢٦٨.
(٣) قارن بالمغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ١ / ١٠١ ، ٢٩٨ ، ٢٩٩.
(٤) ساقط من «أ».
/ / أول ل ١٥٨ / ب من النسخة ب.