قولهم : لا جائز أن يستند نصب الإمام إلى الاختيار ، وإلّا لما وجبت طاعة الإمام على الرعية ، ممنوع.
قولهم : لأنه لا مستند للاختيار ؛ لا نسلم ذلك على ما تقرر قبل ، كيف وأن وجوب طاعتهم له ليس مستندا إلى الاختيار ، وإنما هو مستند إلى الإجماع المستند إلى الكتاب ، أو السنة ، وبه يندفع قولهم : إنما صار إماما بإقامتهم له فلا تجب طاعته عليهم (١).
وأما دعوى التنصيص على أبى بكر بعينه ، أو العباس : فدعوى لا بدّ لها من دليل.
وما ذكروه فى حق كل واحد ، فأخبار آحاد لا يثبت بمثلها عظائم الأمور كما تقدم تقريره.
كيف وأنها مع ضعف سندها ، ومتنها متعارضة ، فإن من ضرورة التنصيص على كل واحد منهما أن لا يكون الآخر منصوصا عليه (٢). والّذي يدل على أن أبا بكر ، والعبّاس غير منصوص عليهما ، ما سبق فى الوجه الثانى من الوجوه الدالة [على عدم التنصيص] (٣) على عليّ ـ عليهالسلام (٤).
وأما ما ذكروه فى الدلالة على النّص الجلىّ على عليّ ـ عليهالسلام ـ فهو باطل.
قولهم : إن خبر الشيعة عنه متواتر ، ممنوع (٥) ، وما المانع أن يكون ذلك من وضع بعض الناس ، فيما مضى من الأعصار الماضية ، ثم إنه شاع وذاع بحيث نقل إلينا على لسان التواتر. أو أنه كان فى بعض الأعصار المتقدّمة ، من قبيل أخبار الآحاد عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثم إنه شاع بحيث صار آخره متواترا (٦).
قولهم : لو كان كذلك ، لتوفرت الدّواعى على نقله ، وإشاعته من القائلين بعدم النّصّ الجلىّ.
__________________
(١) قارن بما ورد فى نهاية الإقدام ص ٤٨٩ وغاية المرام للآمدى ص ٣٨٠ وما بعدها.
(٢) قارن بما ورد فى التمهيد للإمام الباقلانى ص ١٦٩ وغاية المرام ص ٣٠٦ وما بعدها. والمواقف للإيجي ص ٤٠٥ وشرحها : للجرجانى الموقف السادس ص ٣٠٦ ، ٣٠٧.
(٣) ساقط من «أ».
(٤) راجع ما سبق ل ٢٦٧ / أ.
(٥) قارن ما أورده الآمدي هنا من إبطال دعوى التواتر بما أورده الباقلانى فى التمهيد ١٦٥ وما بعدها. والمغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ١ / ٨٢ ، ١١٣ وما بعدها ، والإرشاد للجوينى ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ونهاية الإقدام ٤٩٤ ، ٤٩٥ ، وغاية المرام ٣٦٨ ، ٣٧٦. والمواقف للإيجي ص ٤٠٤ وشرحها : الموقف السادس ص ٣٠٤.
(٦) قارن بالتمهيد ١٦٥ ، والمغنى ٢٠ / ١ / ١١٨ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣٠٤.