قلنا : لا نسلم أنه لم ينقل ، ولم يشع ، وبيانه / أنه قد قيل ، واشتهر أنّ واضع ذلك كان ابن الراوندى ، وهشام بن الحكم وغيرهما من الكذابين.
وإن سلمنا عدم نقل واضعه ، غير أنّ ذلك لا يدل على صحة ما ذكروه ، وتواتره ، بدليل ما نشاهده من الأراجيف الحادثة فى كل زمان بحيث تشيع ، وتكثر كثرة التّواتر ، مع العلم بكذبها ، وبطلانها مع الجهل بواضعها ، ووقت حدوثها (١).
قولهم : القول بذلك ممّا يبطل خبر التّواتر على الإطلاق.
قلنا : ليس كذلك ، فإن ضابط / / خبر التّواتر حصول العلم عنده ، فمهما حصل العلم بخبر الجماعة ، علم تواتره. وما ذكروه ، ليس من هذا القبيل ، فإنا لا نجد أنفسنا عالمة بما أخبروا به من النّصّ الجلىّ ؛ فلا يكون متواترا مع تطرق ما قيل من الاحتمال إليه.
كيف وأن القول بتواتر النّصّ الجلىّ ممّا لا يستقيم على أصول الإمامية ؛ لأن جميع الأمة [عندهم] (٢) ارتدّت بعد موت النبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم يبق منهم على الإسلام إلّا نفر يسير لا يبلغ عددهم إلى عدد التواتر ، ومن [عداهم] (٣) فكفار لا تقوم الحجة بقولهم.
وإن سلّمنا دلالة ما ذكروه على تواتر النّصّ الجلىّ ؛ فهو معارض بما يدل على عدمه.
وبيانه مع ما سبق من الأدلة على عدم التنصيص مطلقا من ستة عشر وجها :
الأول : أن عليّا ـ عليهالسلام ـ لم يزل يفتخر بذكر ما ورد عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى حقه ، ممّا يدل على مرتبته ، وعلوّ شأنه فى خطبه ، ومناشداته : كخبر الغدير وغيره ، من الأخبار السابق ذكرها ، ولم ينقل عنه ذكر النّصّ الجلىّ على إمامته ، ولو كان متحققا ؛ لكان أولى بالذكر من غيره ؛ لكونه قاطعا ، وما عداه ؛ فظنى (٤).
الثانى : هو أن كثيرا من المعتقدين لفضيلة عليّ على غيره : كالزّيدية ، ومعتزلة البغداديين قد أنكروا هذا النّصّ ، مع زوال التّهمة عنهم ، والشّك فى قولهم (٥).
__________________
(١) قال الرازى فى الأربعين ص ٤٥٨ : «والدليل عليه أن كثيرا من الأراجيف الكاذبة قد اشتهرت الآن فى الشرق والغرب ، ولا يعلم زمان ذلك الوضع أى زمان كان ولا أن ذلك الواضع من كان».
/ / أول ل ١٥٩ / أمن النسخة ب.
(٢) ساقط من «أ».
(٣) ساقط من «أ».
(٤) قارن هذا الرد بالتمهيد ١٧٦ ، والمغنى ٢٠ / ١ / ١٢٢.
(٥) قال القاضى الباقلانى فى التمهيد ص ١٦٥ : «ورأينا أكثر القائلين بفضل على عليهالسلام من الزيدية ومعتزلة البغدادين وغيرهم ينكر النّص عليه ويجحده مع تفضيله عليا على غيره».