العاشر : لو كان نصّه جليا ، لما قال : «ليس عندنا عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى هذا الأمر ، وإنما رأيناه من أنفسنا ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمنا ، استخلف أبو بكر فقام ، واستقام حتى مضى لسبيله ـ رحمهالله ـ ثم استخلف عمر فقام ، واستقام حتى ضرب الدين بجرّانه ؛ ثم مضى لسبيله ـ رحمهالله». ولو كان منصوصا عليه نصّا جليا ، لما قال ذلك ، ولما وصف من تقدمه بالاستقامة ؛ لأن مخالف النّصّ الجلىّ ، لا يكون فعله مستقيما.
الحادى عشر : أنّه لو كان منصوصا عليه نصّا جليا ؛ لما ناصر من تقدمه وعضّده بالمشورة ، والرأى : كرأيه برجوع أبى بكر عن قتال العرب ، وقعود عمر عن الخروج إلى قتال فارس ؛ لأنّ معاضده العاصى معصية.
الثانى عشر : أنه ـ رضي الله عنه ـ كان يخاطب أبا بكر بقوله : يا خليفة رسول الله ، ولو كان هو المنصوص عليه نصّا جليا ؛ لكان كاذبا فى ذلك. وإن كان بطريق التقية ؛ فهو ممتنع ؛ لأن الله ـ تعالى ـ وصف الصحابة بالصدق بقوله : ـ (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) إلى قوله : (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (١).
الثالث عشر : أنه لو كان منصوصا عليه نصّا جليا ، لم يخل : إما أن يعينه الصحابة على حقه من الإمامة ، أو لا يعينوه.
فإن كان الأول : فيلزم أن يكون عاصيا بتقصيره ، ويخرج بذلك عن أن يكون معصوما ؛ وهو خلاف مذهب الخصم.
وإن كان الثانى : فيلزم أن لا تكون الأمة خير أمة أخرجت للناس ، وأن لا يكونوا آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر ، وهو خلاف قوله تعالى : ـ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (٢) ؛ وهو ممتنع.
الرابع عشر : قوله ـ عليهالسلام ـ : «اقتدوا باللّذين من بعدى : أبى بكر وعمر» أمر بمبايعتهما ، ولا يمكن أن يقال لعل الرواية : «اقتدوا باللّذين / / من بعدى أبا بكر ،
__________________
(١) سورة الحشر ٥٩ / ٨.
(٢) سورة آل عمران ٣ / ١١٠.
/ / أول ل ١٥٩ / ب.