الأمة على شيء ، فيكون فيهم الإمام المعصوم ؛ لاستحالة خلو كل زمان منه على ما يأتى بيانه ؛ فسنبين بطلانه فيما بعد (١).
وإن سلمنا صحة احتجاجهم بالإجماع غير أنا لا نسلم أنّ أبا بكر ، والعبّاس غير منصوص عليهما ، وما ذكروه فى إبطال التنصيص على أبى بكر ، والعباس ؛ فغير صحيح ؛ إذ جاز أن يكون الشخص منصوصا عليه ، وإن لم يكن عالما به ؛ فإنه ليس من شرط صحه التنصيص على أحد ، سماعه له.
وإن سلّمنا أنّه لا بدّ من سماعه له ، غير أنّه معارض بمثله فى حقّ عليّ أيضا. ودليله ما سبق (٢).
قولهم : إنّ عليّا أفضل الصحابة ؛ لا نسلم ذلك ، وأما قوله ـ تعالى ـ : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) (٣) الآية ؛ فلا نسلم أن المدعو إلى ذلك عليّ ؛ بل قد روى أن المراد به قرابته ، وخدمه ، ولذلك ذكرهم بصيغة الجمع ، ولو كان المراد به عليا ؛ لكان مجازا فيه ، والأصل فى الكلام الحقيقة.
قولهم : ليس المراد من قوله : وأنفسنا. نفسه ؛ ممنوع.
قولهم : لأن الإنسان لا يدعو نفسه حقيقة ، أو مجازا. الأول : مسلم. والثانى : ممنوع ؛ فإن من أراد من نفسه شيئا يصحّ أن يقال دعا نفسه إلى ذلك الشيء ، وهو وإن كان مجازا فحمله على عليّ / أيضا مجاز ، فإنّ عليا ليس هو نفس النبىّ حقيقة ؛ وليس أحد المجازين ، أولى من الآخر (٤).
سلمنا أن المدعو إلى المباهلة عليّ ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من ذلك أن يكون أفضل من الصحابة.
قولهم : ذلك يدلّ على أن النّبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فى غاية الشفقة على المدعو مسلم.
__________________
(١) راجع ما سيأتى ل ٢٨٥ / ب وما بعدها.
(٢) راجع النصوص التى وردت فى حق الإمام على ـ رضي الله عنه ـ فيما سبق ل ٢٦٩ / أوما يأتى بعدها.
(٣) سورة آل عمران ٣ / ٦١.
(٤) قارن بما ورد فى المواقف للإيجي ص ٤٠٧ وشرحها للجرجانى ـ الموقف السادس ص ٣٢٠ ومنهاج السنة ٤ / ٣٤ وما بعدها.