قولهم : إما أن يكون ذل لزيادة قربه من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، أو لزيادة فضله ، لا نسلم الحصر ؛ إذ أمكن أن يكون ذلك لمجموع أمور لا وجود لها فى غير المدعو ، وهى أصل القرابة ، وأصل الفضل ، مع زيادة إلف ، وكثرة المعاشرة ، لا لزيادة الفضيلة ، ولا زيادة القرابة (١).
وعلى هذا أمكن اختصاص عليّ بهذه الأمور ، دون غيره من الصحابة ، وهو كذلك.
قولهم : إنه جعل عليا نفسا له.
قلنا : بمعنى أنه أضافها إليه ، أو بمعنى أنه أوجب الاتحاد بين نفس عليه ، ونفسه؟
الأول : مسلم. والثانى : ممنوع ؛ إذ هو خلاف الحقيقة. وعند ذلك فلا يلزم من مطلق الإضافة الاشتراك فى الصفات ؛ ليلزم ما ذكروه.
وقوله ـ عليهالسلام ـ فى [ذى] (٢) الثدية : «يقتله خير الخلق» متروك الظاهر ؛ فإنه يدل على أن من باشر قتل ذى الثدية حقيقة يكون خير الخلق ، وعليّ ما باشر قتله ؛ فيلزم أن يكون من قتله من أصحاب عليّ أفضل من على ، ومن الخلق ؛ وهو ممتنع (٣). ثم إنه يلزم من ذلك أن يكون عليّ خيرا من النّبيّ لأنّه من الخلق ، وبعد التخصيص ؛ فقد بطلت الحقيقة ، وهى حمل لفظ الخلق على العموم.
وعند ذلك فيبقى مترددا بين أقل الجمع ؛ وما عدا صورة التخصيص ؛ فهو مجاز فى كل واحد منهما ، وليس أحد المجازين أولى من الآخر ؛ بل ربما كان حمله على أقل الجمع ؛ أولى لتيقنه.
وقوله ـ عليهالسلام ـ «أخى ، ووزيرى / / وخير من أتركه بعدى ، يقضى دينى وينجز موعدى ، عليّ بن أبى طالب» (٤) ، فلا حجة فى قوله : «أخى ، ووزيرى» فإنه لا يلزم من كونه أخا للنبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يكون أفضل عند الله من غيره ، وكذلك الوزير ؛ بل موضع الاحتجاج إنما هو [فى قوله] (٥) : «وخير من أتركه بعدى» ولا حجة فيه أيضا ؛ فإنه
__________________
(١) قارن بما ورد فى المغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ١ / ١٤١ ، ١٤٢.
(٢) ساقط من «أ».
(٣) قارن بما ورد فى المواقف للإيجي ص ٤٠٩ ، وشرحه ـ الموقف السادس ص ٣٢١.
/ / أول ل ١٦٠ / أمن النسخة ب.
(٤) راجع ما سبق فى هامش ل ٢٧٠ / أ.
(٥) ساقط من أ.