قال : «خير من أتركه بعدى يقضى دينى وينجز موعدى على بن أبى طالب» وتقديره : خير من يقضى دينى ، وينجز موعدى ، عليّ. ولا يلزم من ذلك أن يكون خيرا من غيره مطلقا ؛ بل بالنسبة إلى قضاء الدين ، وانجاز الموعد (١).
وقوله ـ عليهالسلام ـ لفاطمة : «أما ترضين أنى زوجتك خير أمتى» (٢) ليس فيه ما يدل على كونه خيرا من الأمة مطلقا ؛ إذ ليس فى لفظة خير صيغة عموم ؛ ليكون خيرا منهم بالنسبة [إلى كل شيء ، وعند ذلك فيكون خيرا من الأمة] (٣) بالنسبة إلى بعض الأشياء ، ولا يلزم أن يكون خيرا منها مطلقا ، وعلى هذا فإن كان خيرا من غيره من وجه ؛ فيكون غيره خيرا / منه من وجه آخر.
فإن قيل : النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إنما ذكر ذلك فى معرض الامتنان ، والإنعام على فاطمة ، ولو كان الأمر على ما ذكرتموه ؛ لم تتحقق هذه الفائدة.
قلنا : أمكن أن يكون تحقيق فائدة الامتنان ، والإنعام عليها بكون على خير الأمة بالنسبة إلى فاطمة فيما يرجع ، إلى القرابة ، وزيادة الحنو ، والشفقة عليها ، وكثرة طواعيته لها ، وزيادة منزلته فى حب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ [له] (٤) ، وعلى هذا فقد خرج الجواب عن قوله ـ عليهالسلام : ـ «خير من أتركه بعدى عليّ» وأمكن تقييد ذلك بأنه خير من يقضى دين النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وينجز موعده.
وقوله ـ عليهالسلام ـ عن على : «هذا سيّد العرب» (٥) فلا يخفى أن السيادة عبارة عن التقدم ، والارتفاع. وليس فى لفظ سيّد أيضا صيغة عموم ؛ بل هى مطلقة ، والكلام فيها ، كالكلام فى قوله خير.
ثم وإن سلمنا العموم فى قوله سيّد بالنسبة إلى كل شيء ، غير أنه لا يدل على كونه أفضل ، من جميع الصحابة ؛ فإنه قد كان منهم من ليس بعربىّ : كسلمان الفارسى [وبلال الحبشى] (٦) وغيرهما.
__________________
(١) قارن هذا الرد بما ورد فى المغنى ٢٠ / ١ / ١٨٢ ، والمواقف ص ٤٠٩ ، وشرحه ـ الموقف السادس ص ٣٢١.
(٢) انظر ما سبق فى هامش ل ٢٧٠ / أ.
(٣) ساقط من أ.
(٤) ساقط من أ.
(٥) راجع بشأنه ما سبق فى هامش ل ٢٧٠ / أ.
(٦) ساقط من أ.