فإن قالوا : إذا كان سيّد العرب ، فالعرب سادات لمن سواهم ، وسيّد السيّد سيّد»
قلنا : فيلزم من ذلك أن يكون عليّ سيّد العالمين ، وفيه إبطال قوله ـ عليهالسلام ـ فى الفرق بينه ، وبين على : «أنا سيّد العالمين ، وعلى سيّد العرب».
وقوله عليهالسلام : ـ «إنّ الله اطلع على أهل الأرض ثانية فاختار منهم بعلك» (١) يدل على كونه مختارا ، وليس فيه ما يدل على اختياره بالنسبة إلى كل شيء ؛ إذ لا عموم فى قوله : «اختار منهم بعلك» بالنسبة إلى كل شيء (٢) ، ولا يلزم من كونه مختارا بالنسبة إلى بعض الأشياء ، أن يكون أفضل من غيره مطلقا. وعلى هذا أمكن أن يكون مختارا بالنسبة إلى مجاهدته ، بين يدى النبي صلىاللهعليهوسلم ، أو بالنسبة إلى جعله بعلا لفاطمة ، أو غير ذلك.
وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ «ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معى» (٣) فليس فيه أيضا ما يدل على كونه أحب الخلق مطلقا ؛ بل أمكن أن يكون أحب الخلق بالنظر ، إلى شيء دون شيء ، ولهذا يصح الاستفسار ، ويقال أحب خلق الله فى كل شيء ، أو فى بعض الأشياء؟
وعند ذلك فلا يلزم من زياده ثوابه فى بعض الأشياء على غيره ، الزيادة فى كل شيء ؛ بل جاز أن يكون غيره أزيد ثوابا منه فى شيء آخر.
فإن قيل : إذا كان كذلك فأى فائدة فى قوله : ائتنى بأحب خلقك أليك؟
قلنا : الفائدة فيه تخصيصه عمّن ليس أحب عند الله ، ولا من وجه.
وقولهم : إن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ اتّخذ عليا أخا لنفسه ، جاز أن يكون ذلك لزيادة حنوّه عليه ، وشفقته ، بسبب قرابته ، ومصاهرته ، وزيادة خدمته ، وألفته له بكثرة مخالطته له ـ صلىاللهعليهوسلم ـ / وليس فى ذلك ما يدل على كونه أفضل من غيره عند الله تعالى (٤).
__________________
(١) راجع بشأنه ما سبق فى هامش ل ٢٧٠ / أ.
(٢) قارن بالمواقف ص ٤١٠ ، وشرحه ـ الموقف السادس ص ٣٢٣.
(٣) راجع ما سبق فى هامش ل ٢٧٠ / أ.
(٤) قارن هذا الرد بما ورد فى المغنى ٢٠ / ١ / ١٨٥ وما بعدها ، والمواقف ص ٤١٠ وشرحه ـ الموقف السادس ص ٣٢٣.