وأما قصة خيبر : فليس فيها أيضا ما يدل على أن عليا أفضل من أبى بكر وعمر ؛ بل غايته أن مجموع ما وصفه به من كونه يحب الله ورسوله ، [وأنه] (١) يحبه الله ورسوله ، وأنه كرار غير فرار ، لم يجتمع فيهما ، وذلك متحقق بفرارهما ، ويلزم من ذلك ، أن يكون أفضل منهما بالنظر إلى هذا الوجه لا غير (٢) ، ولا يلزم أن يكون أفضل منهما مطلقا ؛ لجواز أن يكون كل واحد منهما ، أفضل منه من وجه آخر.
قولهم : إن عليا كان أعلم الصحابة ؛ لا نسلم ذلك.
وقوله ـ عليهالسلام ـ «أقضاكم على» (٣) لا يدل على أنه أعلم ؛ بل غايته أنه لا يحتاج إلى جميع أنواع العلوم التى يتعلق بها القضاء ، وفصل الخصومات / / ولا يدل ذلك على بلوغه فى كل واحد منهما إلى الغاية القصوى ، والنهاية العليا ، وعلى هذا وإن كان أعلم من غيره من جهة اشتماله على أصول العلوم ، فلعل غيره أعلم منه لبلوغه فى آحاد العلوم النهاية التى لم يبلغها عليّ كرّم الله وجهه.
وإن سلمنا أنه أعلم الصحابة ، وأنه أفضل من باقى الصحابة ، بالنسبة إلى فضيلة العلم ؛ فلا يلزم أن يكون أفضل من غيره مطلقا ؛ لجواز اختصاص غيره بفضيلة غير فضيلة العلم ، يكون بها أفضل من عليّ ـ عليهالسلام.
قولهم : إن عليا كان أكثر جهادا مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من جميع الصحابة.
قلنا : وإن كان أكثر جهادا بالقتال ، ومنازلة الأبطال من غيره ، فليس فى ذلك ما يدل ، على أنه أفضل من غيره مطلقا ؛ لجواز اختصاص غيره بفضيلة لا وجود لها فيه ، كالجهاد مع النفس بالعبادات ، أو الجهاد مع العدوّ بإقامة البراهين ، ودفع الشبهات ، أو غير ذلك (٤).
وقولهم : إنّ إيمان عليّ كان سابقا على إيمان جميع الصحابة ، ممنوع وما ذكروه معارض بما روى عنه ـ عليهالسلام ـ أنه قال : «ما عرضت الإيمان على أحد إلّا وكان له
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) قارن بما ورد فى المواقف ص ٤١٠ ، وشرحه ـ الموقف السادس ص ٣٢٣.
(٣) انظر ما سبق فى هامش ل ٢٧٠ / ب.
/ / أول ل ١٦٠ / ب من النسخة ب.
(٤) قارن به ما ورد فى : الفصل فى الملل والنحل ٤ / ١٣٥ ، ١٣٦ ، والأربعين للرازى ص ٤٧٧ ، ومنهاج السنة لابن تيمية ٤ / ١٦٣.