كبوة غير أبى بكر فإنه لم يتلعثم» (١) ؛ وذلك يدل على سبقه لكل من عداه إلى الإيمان ؛ لأنه لو لم يكن كذلك ؛ لكان تأخره فى الإيمان ، لا لعدم إجابته ؛ بل لتقصير النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى دعائه إلى الإيمان ؛ وذلك ممتنع فى حق النبي صلىاللهعليهوسلم.
وإن سلمنا أن إيمان عليّ كان سابقا على إيمان أبى بكر ، غير أن إسلام أبى بكر كان بعد البلوغ ، وإسلام عليّ قبل البلوغ ، بدليل ما نقل عنه من الشعر. وإسلام العاقل البالغ ، أفضل من إسلام الصبىّ ، لثلاثة أوجه :
الأول : أن النّاس قد اختلفوا فى صحة إسلام الصبى ، مع اتفاقهم على صحة إسلام العاقل البالغ ؛ وذلك يدل على كون إسلام البالغ أفضل.
الثانى : / أنّ إسلام العاقل ، البالغ أنفع لنفسه ، ولغيره ، أما بالنسبة إلى نفسه ؛ فلأن تأدية العبادات ، وامتثال أمر الشارع ، ونهيه [أكثر] (٢) ؛ فيكون أكثر ثوابا. وأما بالنسبة إلى غيره ، فلأن تأسى الغير به فى الدخول فى الإسلام لكمال عقله يكون أكثر على ما لا يخفى.
الثالث : أن دعاءه لغيره إلى الإسلام ، وحثّه عليه ، يكون أفيد ، وأقرب إلى المقصود من الصبى ، ولهذا فإن أبا بكر بعد إسلامه ، كان هو السبب فى إسلام عثمان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبى وقاص ، وابن مظعون (٣) بدعائه لهم إلى الإسلام ، وتوسطه بينهم ، وبين الرسول فى إسلامهم ، وكان ذلك سبب قوة الإسلام ، وظهوره ، بخلاف إسلام عليّ صبيا ؛ فإنه لم يتأت منه مثل هذه الفائدة الجسيمة ؛ فكان إسلامه أفضل.
وإن سلمنا أن من سبق إلى الإسلام أفضل ؛ لكن من جهة سبقه إلى الإسلام ، أو مطلقا؟ الأول : مسلم ، والثانى : ممنوع ، وعلى هذا فلا يلزم أن يكون على أفضل من غيره مطلقا.
__________________
(١) ورد فى جامع الأصول ٩ / ٤٢٩.
(٢) ساقط من «أ».
(٣) انظر سيرة ابن هشام ١ / ٢٣٢.