وإن سلمنا دلالة ما ذكروه على أن عليا أفضل من باقى الصّحابة ، إلّا أنه معارض بما يدل على أنه أبا بكر أفضل منه.
وبيانه من ثلاثة عشر وجها :
ـ الأول : قوله ـ تعالى ـ : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) (١) الآية قال أكثر أهل التفسير ، وعليه اعتماد العلماء : إنها نزلت فى حق أبى بكر (٢) ؛ فيكون / موصوفا فى كونه أتقى ، والأتقى هو الأكرم عند الله ـ تعالى لقوله ـ تعالى : ـ (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٣). والأكرم عند الله هو الأفضل ؛ فإذا الآية دالة على أن أبا بكر أفضل من كل من عداه من الأمة.
الثانى : قوله ـ عليهالسلام ـ «اقتدوا باللّذين من بعدى أبى بكر ، وعمر» (٤) ، أمر كل واحد بالاقتداء بهما ؛ فيدخل فيه عليّ (٥) ، ويلزم من ذلك أن يكون عليّ ـ عليهالسلام ـ مفضولا بالنسبة إلى أبى بكر ؛ لأنه إن لم يكن مفضولا ، فإما مساو ، أو أفضل. فإن كان مساويا : فليس بأفضل ؛ وهو المطلوب.
كيف وأنه يمتنع أن يكون مساويا ؛ فإنه ليس الأمر بمتابعة أحد المتساويين للآخر ، أولى من العكس.
وإن كان أفضل : كان الواجب أن يكون الأمر بالمتابعة بالعكس ، وإذا بطل أن يكون أفضل ، أو مساو ؛ لزم أن يكون مفضولا.
الثالث : ما روى أن أبا الدرداء (٦) كان يمشى [أمام] (٧) أبى بكر. فقال له ـ عليهالسلام ـ : [أتمشى أمام من هو خير منك ، فقال أبو الدرداء : أهو خير منى] (٨) فقال له
__________________
(١) سورة الليل ٩٢ / ١٧ ، ١٨.
(٢) انظر فى ذلك. أسباب النزول للواحدى ص ٣٠٠ ، وتفسير الرازى ٣١ / ٢٥.
(٣) سورة الحجرات ٤٩ / ١٣.
(٤) ورد فى مسند الإمام أحمد ٥ / ٣٨٢ ، وصحيح الترمذي ٥ / ٦٠٩.
(٥) قارن بالمواقف ص ٤٠٧ ، ٤٠٨ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣١٧.
(٦) أبو الدرداء : هو عويمر بن مالك بن قيس الخزرجى. صحابى جليل ، تولى قضاء دمشق بعهد من عمر بن الخطاب ، وتوفى بالشام سنة ٣٢ ه.
[الاستيعاب ٢ / ٤٥٢ ، والإصابة ٣ / ٤٦].
(٧) ساقط من أ.
(٨) ساقط من أ.