قلنا : الولاية بمعنى النصرة ، إنما تكون عامة ، إذا أضيفت إلى جمع غير مخصوصين بصفات معينة ، كما فى قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (١). وأما إذا أضيفت إلى جمع / مخصوصين بصفات خاصة كما فى الآية المحتج بها فلا ، وعلى هذا فلا يمتنع أن تكون الولاية المحصورة فى الله ، ورسوله ، والمؤمنين المخصوصين ، بالصفات المذكورة فى الآية ، الولاية بمعنى النصرة ، وهى الولاية الخاصة فيها ، دون الولاية العامة من غير منافاة بين الآيتين المذكورتين ، ويكون تقدير الآية : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) والمؤمنين الموصوفين بالصفات المذكورة ؛ أى الولاية الخاصة بمعنى النصرة لا الولاية العامة.
وإن سلمنا دلالة ما ذكروه ، على أن الولاية فى الآية بمعنى التّصرّف ، غير أنه يمتنع حمل لفظ المؤمنين على عليّ ـ عليهالسلام ـ لما فيه من حمل لفظ الجمع على الواحد ؛ وهو مخالف للأصل والحقيقة.
قولهم : إن أئمة التفسير اتفقوا على أن المراد بالمؤمنين المذكورين فى الآية عليّ ، لا نسلم الاتفاق على ذلك ، فإنه قد حكى النقاش فى تفسيره عن أبى جعفر (٢) أنه قال : «المؤمنون المذكورون فى الآية : أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام». وهو الأظهر ؛ لما فيه من موافقة ظاهر لفظ الجمع (٣).
وإن سلمنا أن المراد إنما هو عليّ ـ كرم الله وجهه ـ غير أنه يمتنع جعله بذلك إماما ، وخليفة عن الرّسول ، وإلّا لزم فيه إمّا تخصيص ولايته بما بعد موت النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ [وهو خلاف ظاهر الآية ، وإما إثبات الولاية له بمعنى التصرف فى الأمة فى زمن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم] (٤) ؛ وهو خلاف الإجماع منّا ، ومن الخصوم (٥).
__________________
(١) سورة التوبة ٩ / ٧١.
(٢) أبو جعفر (٥٧ ـ ١١٤ ه) هو محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب ، أبو جعفر الباقر (الإمام) روى عن أبيه وجديه : الحسن والحسين (رضى الله عن الجميع).
من التابعين الثقات ، وخامس الأئمة عند الإمامية. كان محدثا ومفسرا. توفى سنة ١١٤ ه.
[وفيات الأعيان ٤ / ١١٧٤ ، وتهذيب التهذيب ٩ / ٣٥٠].
(٣) انظر تفسير القرطبى ٦ / ٢٢١. وقارن به تفسير ابن كثير ٢ / ٧١.
(٤) ساقط من «أ».
(٥) قارن به تفسير الفخر الرازى ١٢ / ٣١ ، والمغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ١ / ١٣٣ ، ١٣٤.