وقوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (١) لا نسلم كونه حجة.
قولهم : إنه أمر بمتابعة الصّادق.
قلنا : فى الظاهر ، أو فى نفس الأمر؟
الأول : مسلم ، والثانى : ممنوع ؛ وعلى هذا فلا يلزم العصمة.
وإن سلمنا أنه لا بدّ من عصمة المأمور بمتابعته فى نفس الأمر ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من ذلك أن يكون عليّ معصوما.
قولهم : إن غير عليّ من الصحابة غير معصوم.
قلنا : غير عليّ غير معصوم من آحاد الصحابة ، أو جملة الصحابة؟ الأول : مسلم ، والثانى : ممنوع على ما تقدم فى بيان عصمة الأمة عن الخطأ (٢). وعلى هذا فلا يمتنع أن يكون المراد بالصادقين ، المجمعون من أهل الحل والعقد من الصحابة وغيرهم دون آحاد الصحابة ؛ وهو الأظهر نظرا إلى صيغة الجمع فى الصادقين (٣) ؛ فإنه حقيقة فى الجمع لا فى الآحاد.
كيف وأنه ليس كل إمام عند الخصوم ظاهرا ، والأمر بمتابعة من ليس بظاهر ، ولا معروف ممتنع.
فإن قيل : إذا كان الخطاب مع المؤمنين بمتابعة الصادقين ، وإذا كان المراد بالصادقين ، المجمعين من أهل الحل والعقد ، فهم من المؤمنين المخاطبين ، ويلزم من ذلك أن يكونوا مخاطبين بمتابعة أنفسهم ؛ وهو ممتنع مخالف للظاهر.
قلنا : فإذا كان الخطاب مع المؤمنين ، فالأئمة داخلون فيهم أيضا ، فلو كان المأمور بمتابعته من الصادقين / / هم الأئمة [فيلزم أن يكون الأئمة] (٤) أيضا / قد أمروا بمتابعة أنفسهم.
__________________
(١) سورة التوبة ٩ / ١١٩.
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ل ٢٧ / أ.
(٣) قارن بما ورد فى تفسير الفخر الرازى ١٦ / ٢٢٧.
/ / أول ل ١٦٢ / أ.
(٤) ساقط من «أ».