الثانى : أنه لو ورد أحدهما بمعنى الآخر وكان المفهوم منهما واحدا ؛ لصحّ أن يقترن بكل واحد منهما ما يقترن بالآخر ، وذلك بأن يقال : فلان مولى من فلان ، كما يقال [فلان] (١) أولى من فلان ، وفلان أولى فلان ، كما يقال فلان مولى فلان ؛ وهو ممتنع (٢).
غير أن لقائل أن يقول : [إنّ] (٣) المفهوم منهما وإن كان واحدا ، غير أن اللفظ مختلف.
وعند ذلك فلا يلزم أن يجوز على كل واحد منهما ما يجوز على الآخر ، إلّا أن نبين أن ذلك اللازم من لوازم مفهوم اللفظ ، لا من لوازم اللفظ ؛ وهو غير مسلم.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) (٤) لا نسلم أن المولى هاهنا بمعنى الأولى ؛ بل المراد به الوارثون ، وهم العصبة من بنى العم ، والقربى ممّا ترك الوالدان ، والأقربون (٥).
وقوله تعالى : ـ (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) (٦) لا نسلم أن المولى هاهنا أيضا بمعنى الأولى ؛ بل قد قيل المراد بقوله أولى بكم ، أى مكانكم ، ومقركم وما إليه مالكم ، وعاقبتكم ، ولهذا قال تعالى : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٧)
وقد قيل : أمكن أن يكون المراد به : النار ناصركم بمعنى المبالغة فى نفى الناصر له. كما يقال : الجوع زاد من لا زاد له ، والصبر حيلة من لا حيلة له ، والمراد المبالغة فى نفى الحيلة ، والزاد. أمّا أن يكون الجوع زادا ، والصبر حيلة ؛ فلا.
وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن مولاها فنكاحها باطل» (٨). لا نسلم صحته وبتقدير صحته [فالمراد] (٩) بقوله مولاها ، مالك
__________________
(١) ساقط من «أ».
(٢) ورد فى تفسير الرازى ٢٩ / ٢٢٨ «لأنه لو كان مولى ، وأولى بمعنى واحد فى اللغة لصح استعمال كل واحد منهما مكان الآخر ، فكان يجب أن يصح أن يقال : هذا مولى من فلان ، كما يقال : هذا أولى من فلان ، ويصح أن يقال هذا أولى فلان كما يقال هذا مولى فلان».
(٣) ساقط من «أ».
(٤) سورة النساء ٤ / ٣٣.
(٥) فى تفسير ابن كثير ١ / ٤٨٩ «ولكل جعلنا موالى : أى ورثة. وعن ابن عباس فى رواية : أى عصبة» وقارن به ما جاء فى تفسير الفخر الرازى ١٠ / ٨٦ ، ٨٧.
(٦) سورة الحديد ٥٧ / ١٥.
(٧) سورة الحديد جزء من الآية رقم ١٥.
(٨) سبق تخريجه فى هامش ل ٢٧٢ / أ.
(٩) ساقط من «أ».