وإنما قلنا بامتناع الثانى ؛ لأنه يلزم منه أن يكون عليّ إماما فى زمن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو أن يكون ذلك مقيّدا بما بعد موته ، وكل واحد منهما خلاف الظاهر ؛ لما سبق.
وقوله عليهالسلام لعلىّ : «أنت منى بمنزلة هارون من موسى» (١) ، لا يصح الاستدلال به أيضا من جهة السند ، كما تقدم فى الخبر الّذي قبله.
وإن سلمنا صحة سنده قطعا ؛ لكن لا نسلم أن قوله : «أنت منى بمنزلة هارون من موسى» تعم كل منزلة كانت لهارون من موسى ؛ فإنّ من جملة منازل هارون من موسى أنه كان أخا له من النسب ، وأنه كان شريكا له فى النبوة ؛ ولم يثبت ذلك لعلى ـ رضى الله عنه (٢).
قولهم : منزلة اسم جنس ، يصلح لكل المنازل ، ولكل واحد واحد ؛ لا نسلم أن اسم الجنس إذا عرّى عما يوجب التعميم فيه كدخول الألف ، واللام عليه ، كقولنا : المنزلة ، أو دخول حرف النفى عليه ، كقولنا : لا منزلة أنه يعم كل منزلة ؛ بل هو من قبيل الأسماء المطلقة الصالحة لكل واحد ، واحد من الجنس على طريق البدل ، لا أن يكون متناولا للكل على طريق الاستغراق معا ، وإلّا لما بقى بين المطلق ، والعام فرق (٣) ، وأن يكون قولنا : رجل بمنزلة قولنا : الرجل ؛ وهو محمل مخالف لإجماع أهل اللغة.
سلمنا أن [لفظ] (٤) الجنس صالح للعموم ، والآحاد ؛ لكن بطريق العموم ، أو الاشتراك؟ الأول : ممنوع ، والثانى : مسلم ؛ ولهذا فإنه يحسن الاستفسار وهو أن يقال : فى كل المنازل ، أو فى بعضها؟ وهو دليل الاشتراك (٥).
قولهم : لو حملناه على بعض المنازل دون البعض : فإما أن يكون ذلك البعض معيّنا ، أو مبهما.
__________________
(١) أخرجه البخارى ٥ / ٢٤ «قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لعلى : أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى».
كما ورد فى صحيح مسلم ٧ / ١٢٠.
(٢) قارن بالمغنى ٢٠ / ١٥٨ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣١٠.
(٣) قارن بإحكام الأحكام للآمدى ١ / ٤٠ ـ ٤٢.
(٤) ساقط من «أ».
(٥) قارن بما ورد فى إحكام الأحكام للآمدى ١ / ٢١ ـ ٢٤.