وقوله عليهالسلام : «سلموا على عليّ بإمرة المؤمنين» (١) ، وقوله : «أنت أخى ، ووصيى ، وخليفتى ، من بعدى» (٢) ، فأخبار آحاد لا يمكن الاحتجاج بها فى مثل هذا الباب ؛ لما تقدم.
وكذلك الاحتجاج بقولهم إنه استخلفه على المدينة فى حال حياته ، كيف وأن قوله : «سلموا على عليّ بإمرة المؤمنين» لتأميره عليهم فى قصة فتح خيبر. وقوله : «أنت أخى» ؛ فدال على الفضيلة لا على الأفضلية (٣).
وقوله : «ووصيى ، وخليفتى من بعدى» يحتمل أنه أراد به الوصية والخلافة على المدينة ؛ ويحتمل ذلك فى قضاء دينه وانجاز موعده ، ومع تطرق هذه الاحتمالات فلا قطع.
وأما استخلافه فى حياته على المدينة ؛ فليس فيه ما يدل على بقائه خليفة بعد وفاته (٤) ؛ لما سبق فى قصة موسى وهارون.
واذا ثبت بما قررناه إلى هنا وجوب ثبوت الإمامة بالاختيار دون التنصيص ؛ فذلك ممّا لا يفتقر إلى الإجماع من كل أهل الحل ، والعقد ؛ فإنه ممّا لم يقم عليه دليل عقلى ، ولا سمع نقلى ؛ بل الواحد ، أو الاثنين من أهل الحل والعقد كاف فى ذلك ، ووجوب الطاعة ، والانقياد للإمام المختار (٥) ، وذلك لعلمنا بأن السلف من الصحابة رضوان الله عليهم ـ مع ما كانوا عليه من الصلابة فى الدين ، والمحافظة على أمور الدين ـ اكتفوا فى عقد الإمامة بالواحد ، والاثنين من أهل الحل ، والعقد : كعقد عمر لأبى بكر (٦) ، وعبد الرحمن بن عوف ، لعثمان ، ولم يشترطوا إجماع من فى المدينة من أهل الحل ، والعقد ، فضلا عن إجماع من عداهم من أهل الأمصار ، وعلماء الأقطار ، وكانوا على ذلك من المتفقين ، وله مجوّزين من غير مخالف ، ولا نكير ؛ وعلى هذا انطوت الأعصار فى عقد الإمامة إلى وقتنا هذا (٧).
__________________
(١) سبق تخريجه فى ه ل ٢٧٣ / ب.
(٢) سبق تخريجه فى ه ل ٢٧٠ / أ.
(٣) قارن بما ورد فى التمهيد ص ١٧٥ وما بعدها.
(٤) قارن بما ورد فى التمهيد ص ١٧٥ ، والأربعين للرازى ص ٤٦٤.
(٥) قارن بما ورد فى غاية المرام ص ٣٨١ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣٩٢.
(٦) قارن بما ورد فى غاية المرام ص ٣٨١ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣٩٢.
(٧) قارن ما ذكره الآمدي هاهنا بما ذكره فى غاية المرام ص ٣٨١ وانظر التمهيد ص ١٧٨ وما بعدها ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٩٣.