وذهبت الخوارج و [بعض] (١) المعتزلة إلى أنه لا يشترط فيه أن يكون قرشيا.
وقد احتجّ أصحابنا ، ومن تابعهم على ذلك بإجماع الصحابة ، حتى قال الأنصار يوم السقيفة للمهاجرين : «منّا أمير ، ومنكم أمير» فمنعهم أبو بكر من ذلك حيث لم يكونوا قرشيين ، وادعى أن القرشية شرط فى الإمامة ، محتجا على ذلك بقوله عليهالسلام : «الأئمة من قريش» (٢) ، وبقوله : «قدّموا قريشا ولا تتقدموها» (٣) وبقوله : «إنما الناس تبع لقريش ؛ فبر الناس / / تبع لبرهم ، وفاجرهم تبع لفاجرهم» (٤).
وتلقت الأمة ذلك بالقبول ، وأجمعوا على اشتراط القرشية ، ولم يوجد له نكير ؛ فصار إجماعا مقطوعا به ، ولو لا انعقاد الإجماع على ذلك لكان هذا الشرط فى محل الاجتهاد ، نظرا إلى أن الأخبار فى ذلك أخبار آحاد لا تفيد اليقين ، مع إمكان تأويلها.
أما قوله : «الأئمة من قريش» فلأنه يحتمل أنه أراد به العلماء.
وقوله : «الناس تبع لقريش» فيحتمل أنه أراد بذلك أنهم تبع لهم فى الدين والعلم ؛ لأن منشأ الدين ، والعلم من قريش.
وقوله : «قدموا قريشا ولا تتقدموها» يحتمل أنه أراد بذلك التقديم فى الفضيلة ، والشرف ، بسبب النسب من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم.
احتجّ الخصوم بالاجماع ، والسنة ، والمعقول.
أما الإجماع : فهو أن عمر قال فى وقت الشورى عن سالم (٥) مولى أبى حذيفة : «لو كان حيا لما تخالجنى فيه شك» (٦) ولم ينكر منكر ؛ فكان إجماعا.
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) الحديث أخرجه الإمام أحمد فى مسنده ٣ / ١٢٩ عن أنس بن مالك ، ٤ / ٤٢١ عن أبى برزة الأسلمي ونصه «الأئمة من قريش ، إذا استرحموا رحموا ، وإذا عاهدوا أوفوا ، وإذا حكموا عدلوا ؛ فمن لم يفعل ذلك منهم ؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
(٣) أخرجه السيوطى فى الجامع الصغير ٢ / ٨٦.
/ / أول ل ١٦٤ / أ.
(٤) ورد فى صحيح البخارى ٤ / ٢١٧ ، وصحيح مسلم ٦ / ٢ ، ومسند الإمام أحمد ١ / ١٠١ بألفاظ مختلفة.
(٥) سالم مولى أبى حذيفة : هو سالم بن عتبة بن ربيعة كان مولى لبثينة الأنصارية لذا فإنه يذكر فى الانصار كما يذكر فى المهاجرين لموالاته لأبى حذيفة. استشهد باليمامة سنه ١٢ ه (طبقات ابن سعد ٣ / ٨٤ وما بعدها ، الاستيعاب ٢ / ٥٦١).
(٦) عن هذا القول من الإمام عمر ، وموقفه من سالم قارن ما ورد هنا بما ذكره صاحب التمهيد القاضى الباقلانى ص ١٨٢ والشهرستانى فى نهاية الاقدام ص ٤٨١. وبما ذكره القاضى عبد الجبار فى المغنى ٢٠ / ٢٣٥ وما بعدها.