الشرط الرابع : كون الإمام أفضل من الرعية.
وقد اختلف فى جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل.
فجوّزه أكثر أصحابنا.
ومنع منه الإمامية.
وفصل القاضى أبو بكر وقال : إن كان العقد للمفضول ، لا يؤدى إلى هرج ، وفساد ، جاز. وإلّا (١) ؛ فلا.
احتج من قال [بالجواز] (٢) بثلاثة أمور :
الأول : أن الإمامة منصب من المناصب الدّينيّة ، كما فى الإمامة فى الصلاة ، فلو امتنع إقامة الإمام المفضول ، مع وجود الفاضل ؛ لكان ذلك بناء على قبح تقدم الأدنى ، على الأعلى ، والنفرة المانعة من المتابعة ، ويلزم من ذلك امتناع تقدم المفضول على الفاضل فى الصّلاة ؛ وهو خلاف الإجماع.
الأمر الثانى : أنه لو لم يوجد من أهل الإمامة إلّا شخصان ، أحدهما أفقه ، والآخر أعرف بالسّياسة ، وأمور الإمامة ، فإما أن يقال بتوليتهما ، أو لا بتولية واحد منهما ، أو بتولية أحدهما ، دون الآخر.
الأول : [محال] (٣) مخالف للإجماع.
والثانى : أيضا محال ؛ لامتناع خلو الزمان عن الإمام.
فلم يبق إلّا الثّالث ، وأيّهما قدّم فهو مفضول بالنسبة إلى ما اختص به الآخر عنه ، إما بزيادة معرفة الفقه ، أو / السياسة ؛ وهو المطلوب.
الثالث : أنه ما من عصر من أعصار التّابعين ، وتابعى التّابعين إلى عصرنا هذا ، إلّا والأمة مجمعة على صحة إمامة كل من تولّى من الأئمة ، وإن كان مفضولا بالنسبة إلى غيره مهما وجد فيه أصول الشروط المعتبرة فى الإمامة ، وهى ما سبق ذكرها ؛ فدل [على] (٤) أن ذلك ليس بشرط.
__________________
(١) جوز أكثر الأشاعرة ومن وافقهم جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل. انظر من مصادرهم : أصول الدين للبغدادى ص ١٨٨ ، والإرشاد للجوينى ٢٤٢ ، والاقتصاد للغزالى ص ٢١٦ وما بعدها ، والأربعين للرازى ص ٤٦٠ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣٣١ فقد خصص الإيجى : لهذا الموضوع المقصد السادس : فى إمامة المفضول مع وجود الفاضل.
(٢) ساقط من أ.
(٣) ساقط من أ.
(٤) ساقط من أ.