وبهذا يبطل قول من اشترط الأفضلية بناء على أنّ تقديم المفضول على الفاضل قبيح ، ولما فيه من فوات كمال المصلحة الحاصلة بنظر الأفضل ، وحسن تدبيره على المسلمين.
كيف وأن تولية المفضول إنّما يعد قبيحا عند ما إذا لم يرض به ؛ بل بالأفضل.
وأمّا بتقدير رضى العامة ، والأتباع به دون الفاضل : كرضاهم بتولية ولد من مات من الملوك ، ومن أصله عريق فى الملك ؛ فإنه لا يعد قبيحا فى نظر أهل العرف ، وإن كان فى الرعيّة من هو أفضل منه بأضعاف مضاعفة.
وإنما كان كذلك لأن حصول مصلحة الرعية بتقدير رضاهم بالمفضول ، وطاعتهم له ، يكون أقرب من حصول مصلحتهم بتولية الأفضل بتقدير نفرتهم عنه ، وعدم طاعتهم له (١).
الشّرط الخامس : اشترطت الغلاة (٢) من الشيعة ، أن يكون الإمام صاحب معجزات ، وأن يكون عالما بالغيب ، وجميع اللغات ، والحرف ، والصّناعات ، وطبائع الأشياء ، وعجائب ما فى / / الأرض ، والسّماوات.
وهو مع أنه لا دليل عليه ، باطل بالإجماع على عقد الإمامة لمن عرّى من هذه الصّفات فى عصر الصّحابة والتّابعين ، ومن بعدهم إلى وقتنا هذا.
الشّرط السّادس : العصمة.
مذهب أهل السنة والجماعة أنه ليس من شرط الإمام كونه معصوما (٣) ووافقهم على ذلك المعتزلة ، والخوارج ، والزيدية (٤).
وذهبت الإمامية ، وأكثر طوائف الشّيعة إلى أنه لا بدّ وأن يكون معصوما.
__________________
(١) قارن هذا الردّ بما ورد فى التمهيد للباقلانى ص ١٨٤ ، والمغنى ٢٠ / ٢٩٩ وما بعدها ، وأصول الدين للبغدادى ص ٢٩٣ وما بعدها. والارشاد للجوينى ص ٢٤٢ وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٨٨.
(٢) انظر عن غلاة الشيعة ما مر في القاعدة السابعة ـ الفصل الرابع من ل ٢٤٧ / أ. وما بعدها والغلاة ثمانى عشرة فرقة ـ وهم يقولون بنبوّة الإمام ، ومنهم من يقول بإلهيته ، وهم كفار خارجون عن الاسلام.
/ / أول ل ١٦٥ / أمن النسخة ب.
(٣) ليس من شرط الامام أن يكون معصوما وقد وضح ذلك أهل السنة والجماعة. انظر من كتبهم : التمهيد للباقلانى ص ١٨٤ وما بعدها ، وأصول الدين للبغدادى ص ٢٧٧ وما بعدها ، والإرشاد لإمام الحرمين الجوينى ص ٢٤٤ ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٤٩٠ وما بعدها. وغاية المرام للآمدى ص ٣٨٤ وما بعدها. وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٨٨ وما بعدها.
(٤) انظر عن آراء المعتزلة فى هذا الشرط بالتفصيل ما سبق فى الفصل الرابع من القاعدة السابعة ل ١٤٤ / أوما يأتى بعدها وانظر عن رأى الخوارج فى هذا الشرط بالتفصيل ما سبق فى الفصل الرابع من القاعدة السابعة ل ٢٥٢ / أوما يأتى بعدها وأنظر عن رأى الزّيدية فى هذا الشّرط ما سبق فى الفصل الرابع من القاعدة السابعة ل ٢٥١ / أوما يأتى بعدها.