الصّلاة ، وفعل الزكاة من الدّين ؛ فإن الآية قد فرّقت بين الدّين ، وفعل الصلاة ، والزّكاة ، حيث قال ـ تعالى ـ : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ). ثم قال بعد ذلك : (حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) (١) ؛ وذلك دليل المغايرة بين الدّين وما ذكر من الواجبات.
ثم وإن سلمنا دلالة ما ذكروه على أنّ الدّين هو فعل الواجبات ، وأن الدّين هو الإسلام ؛ ولكن لا نسلم أن الإسلام هو / / الإيمان ، ويدل عليه قوله تعالى : (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٢) ؛ وذلك يدل على المغايرة بينهما.
ثم وإن سلمنا دلالة ما ذكروه على أنّ الإيمان هو فعل الواجبات ، غير أنه معارض بما يدل على المغايرة بينهما ، وبيانه من جهة النّص ، والإجماع ، والمعقول :
أما النصّ : فقوله ـ تعالى ـ (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً) (٣) ؛ فإنه يدل على المغايرة بين الإيمان ، والعمل الصّالح ؛ حيث عطف العمل الصالح ، على الإيمان والظّاهر أنّ الشيء لا يعطف على نفسه.
وأيضا قوله ـ تعالى ـ (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي) (٤) عطف الإيمان ، على الصّلاة ، والزكاة ؛ وهو دليل المغايرة بينهما.
أما الإجماع فمن وجهين :
الأول : هو أن الأمّة من المسلمين قبل ظهور المخالفين ؛ مجمعة على امتناع إطلاق القول على أنّ من ترك طاعة ، وواجبا ، أنه ترك الإيمان ، وذلك يدلّ على المغايرة.
الثانى : أنّ الأمة من السّلف ، مجمعة على أنّ الإيمان شرط فى صحة أفعال الواجبات من الطّاعات ، والشّرط (٥) غير المشروط.
__________________
(١) سورة البينة ٩٨ / ٥.
/ / أول ل ١٣٦ / ب.
(٢) سورة الحجرات ٤٩ / ١٤.
(٣) سورة التغابن ٦٤ / ٩.
(٤) سورة المائدة ٥ / ١٢.
(٥) الشرط فى اللغة : عبارة عن العلامة. والمشروط : هو تعليق شيء بشيء. ، بحيث إذا وجد الأول وجد الثانى.
وقيل : ما يتوقف ثبوت الحكم عليه (التعريفات للجرجانى ص ١٤٣).