الإلزام الثالث :
هو أن الحسين (١) بن عليّ ـ رضى الله عنهما ـ [كان] (٢) أيضا عندهم إماما منصوصا عليه ، ومع ذلك ألقى نفسه فى التهلكة مع ظنّ وقوعها ؛ وذلك معصية منهى عنها بقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٣).
وبيان ذلك ، أنه خرج بأهله ، وعياله إلى الكوفة ؛ لقتال أعدائه ، مع كثرتهم وقوة شوكتهم ، وما رآه من صنيعهم بأبيه ، واستظهارهم على أخيه ، وقتلهم لمسلم بن عقيل (٤) ، لما أنفذه رائدا إليهم ، وغدرهم به ، وإشارة كل واحد عليه بعدم الخروج ، حتى قال له ابن عمر (٥) [بعد أن] (٦) أبلى عذرا فى نصحه : «استودعتك الله من قتيل» (٧) ، إلى أن عرض ابن زياد عليه الأمان إن بايع يزيدا ؛ فامتنع من ذلك مع ظهور أمارات القتل له ، والاستيلاء عليه ، وهلاكه وهلاك من معه ، حتى أدّى الأمر ، إلى ما أدّى إليه من قتله ، وهلاك من كان معه من المسلمين.
__________________
(١) الحسين بن على بن أبى الطالب ـ رضى الله عنه ـ الهاشمى ، القرشى ، أبو عبد الله السبط الشهيد ابن فاطمة الزهراء ـ رضى الله عنها ـ وفى الحديث الشريف «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»
ولد فى المدينة فى شعبان سنة أربع من الهجرة ، ونشأ فى بيت النبوة.
عن ابن عمر قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : ـ «هما ريحانتاى من الدنيا» (يعنى الحسن والحسين ـ عليهماالسلام). (رواه البخارى ٣٧٥٣).
وعن عبد الله قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «هذان ابناى ؛ فمن أحبهما ؛ فقد أحبنى» يعنى الحسن والحسين ـ عليهماالسلام.
واستشهد الحسين ـ رضى الله عنه ـ يوم الجمعة ـ يوم عاشوراء فى محرم سنة إحدى وستين.
[صفة الصفوة لابن الجوزى ١ / ٢٩١ ، ٢٩٢. والأعلام للزركلى ٢ / ٢٤٣].
(٢) ساقط من (أ).
(٣) سورة البقرة ٢ / ١٩٥.
(٤) مسلم بن عقيل بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم : تابعى من ذوى الرأى والشجاعة ، كان مقيما بمكة المكرمة ، وانتدبه الإمام الحسين للتعرف على حال أهل الكوفة حين وردت عليه كتبهم ؛ فرحل مسلم الى الكوفة ، وأخذ البيعة من أهلها فشعر به عبيد الله بن زياد (أمير الكوفة) فقبض عليه وقتله سنة ٦٠ ه (الكامل لابن الأثير ٤ / ٨ ـ ١٥ ، والأعلام للزركلى ٧ / ٢٢٢).
(٥) عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوى ، أبو عبد الرحمن ، صحابى جليل ، كان جريئا كوالده ، نشأ فى الإسلام ، وهاجر إلى المدينة مع أبيه ، وشهد فتح مكة أفتى الناس فى الاسلام ستين سنة ، عرض على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يوم بدر فرده ، ويوم أحد فرده لصغر سنه ، وعرض عليه يوم الخندق وهو ابن خمسة عشرة فأجازه ، قال عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن ، مات ابن عمر ، وهو مثل عمر فى الفضل ، وكان عمر فى زمان له فيه نظراء ، وعاش ابن عمر فى زمان ليس له فيه نظير ، له فى كتب الحديث (٢٦٣٠ حديثا) توفى بمكة سنة ٧٣ ه [صفة الصفوة ١ / ٢١١ ـ ٢١٩ ، والأعلام ٤ / ١٠٨].
(٦) ساقط من أ
(٧) فى أنساب الأشراف ٣ / ١٦٣ «استودعك الله من مقتول».