الإلزام الخامس :
أنا قد بيّنا فيما تقدم أن العصمة غير واجبة للأنبياء عليهمالسلام (١) فلو كان الإمام يجب أن يكون معصوما ؛ لكان أكثر طاعة من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، ولو كان أكثر طاعة من النبي ؛ لكان أكثر ثوابا عند الله ـ تعالى ـ لقوله ـ تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٢) وقوله ـ تعالى : (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) (٣). ولو كان الإمام أكثر ثوابا من النبي ؛ لكان أفضل منه ؛ فإنه لا معنى للأفضل ، غير أنه أكثر ثوابا ، ومحال أن يكون نائب النبي ، أفضل منه.
فإن قيل : أما ما ذكرتموه من الإجماع على إمامة أبى بكر ، وعمر ؛ فهو غير مسلم التصوّر ، وبتقدير تسليم تصوّره ؛ فلا نسلم أنه حجة على ما سبق (٤).
وبتقدير كونه حجة ، فإنما يصح دعوى ذلك فيما نحن فيه ، أن لو بيّنتم كون عليّ داخلا فيه ؛ وهو غير مسلم. وما ظهر منه من الموافقة ، لا نسلم أنه كان عن اعتقاد ؛ بل تقية ، وخوفا على نفسه ؛ ولذلك فإنه لم يظهر منه الموافقة على إمامة أبى بكر مدة ستة أشهر حتى ظهرت له / / الإخافة منهم. وبتقدير أن لا يكون على موافقا على ذلك ، فأى إجماع يكون فى عصر عليّ وهو غير داخل فيه.
وأما ما ذكرتموه من الإلزامات فغير لازمة لوجهين إجمالا ، وتفصيلا :
أما الإجمال :
فهو أن ما ذكرتموه فى إبطال عصمة الأئمة صلوات الله عليهم ـ فرع عدم عصمتهم ، وإذا كان ما يذكر فى إبطال العصمة فرعا على إبطالها ؛ فلا يكون صحيحا ؛ لما فيه من الدّور ، وهو توقف عدم العصمة ، على ما ذكر دليلا ، وتوقف كونه دليلا على عدم العصمة.
__________________
(١) انظر ما سبق فى القاعدة الخامسة ل ١٦٨ / ب وما بعدها.
(٢) سورة الأنعام ٦ / ١٦٠.
(٣) سورة النجم ٥٣ / ٣١.
(٤) راجع ما مر ل ٢٨٥ / ب وما بعدها.
/ / أول ل ١٦٦ / أمن النسخة ب.