قولكم : فلا معنى لاعتقاده ، كون قاتله / مستحقا للنار.
قلنا : إنما يكون مخطئا أن لو اعتقد استحقاق ابن جرموز للنار بقتله للزبير ، وليس كذلك ؛ بل إنما اعتقد ذلك له بالنظر إلى عاقبته ، وخاتمة أمره ؛ وذلك لأن ابن جرموز خرج بعد ذلك [على عليّ مع أهل النهر ، وقتل هناك (١) ؛ فكان بذلك] (٢) الخروج من أهل النار ؛ لا بقتل الزبير.
قولكم : إنه فى قضية أمهات الأولاد لا بدّ وأن يكون مخطئا : إما فى الحالة الأولى ، أو الأخيرة.
قلنا : يحتمل أنه كان موافقا لعمر فى الظاهر لا فى نفس الأمر تقية ، وخوفا ممّا يلزمه من إظهار الخلاف معه من المضار ، والمفاسد كما قررناه فى الموافقة على البيعة / / وإذا كان ذلك محتملا ؛ فيجب الحمل عليه ؛ دفعا لاحتمال الخطأ عنه ، لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «اللهم أدر الحق مع عليّ كيف دار».
وبضربه على صدره بيده حين بعثه إلى اليمن وقوله : «اللهم أهد قلبه ، وثبّت لسانه» (٣).
ولقوله عليهالسلام : «أنا مدينة العلم ، وعلى بابها ، فمن أراد المدينة ؛ فليأت الباب» (٤).
وأما قصّة عليّ فى خطبته بنت أبى جهل بن هشام ؛ فخبر موضوع غير مسلم الصحة.
والّذي يدل على ضعفه أن عليا لو فعل ذلك ؛ لكان فعله مسوغا له شرعا. وما يكون فعله سائغا شرعا ، لا يحسن أن ينسب إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الإنكار على فاعله ، مع ورود إباحته على لسانه.
وأما ما ذكرتموه من الإلزام الثانى فى قصّة الحسن ، وخلعه لنفسه من الإمامة ، وتسليمها لمعاوية ؛ فغير لازم ، فإنه لو قدر أنه لم يكن إماما معصوما ، ولا له
__________________
(١) ورد فى الاستيعاب ١ / ٢٠٣ ، وأسد الغابة ٢ / ١٠٠ أن ابن جرموز عاش حتى ولى مصعب بن الزبير البصرة ، ثم اختفى.
(٢) ساقط من أ.
/ / أول ل ١٦٧ / أمن النسخة ب.
(٣) ورد فى الصواعق المحرقة ١٨٩ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطى ١٣٥.
(٤) ورد فى سنن الترمذي ٢ / ٢٩٩ ، ومجمع الزوائد ٩ / ١١٤ وضعفه وقال فيه : «وفيه عبد السلام بن صالح الهروى.
وهو ضعيف»
أما السيوطى : فقد حسنه فى اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٩ ـ ٣٣٦.
أما ابن الجوزى ؛ فقد حكم عليه بالوضع. أنظر الموضوعات ١ / ٣٥٠.