قولكم فى الإلزام الخامس : أنه لو كان الإمام معصوما ؛ لكان أفضل من النبي ؛ فهو مبنى على أن الأنبياء غير معصومين ، وهو ممنوع ، على ما سلف وبتقدير أن لا يكون النبي معصوما ، والعياذ بالله ؛ فلا يلزم [أن يكون] (١) أفضل من النبىّ ؛ لأن النبىّ بتقدير أن يعصى ، قد يعرف ذنبه ، والمعاتبة / عليه من الوحى ؛ فيتوب عنه ، والتّائب من الذنب كمن لا ذنب له ، بخلاف الإمام فإنه لا يقدر على ذلك ؛ إذ هو غير موحى إليه.
ثم وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه على أن الإمام غير معصوم ؛ لكنه معارض بما يدل على عصمته.
وبيانه من عشرة أوجه :
ـ الأول : هو أن الاحتياج إلى الإمام ، إنما كان لكون الأمة أبعد عن فعل الخطأ ، وأقرب إلى فعل الواجب ، فلو كان الإمام ممّن يجوز عليه الخطأ ؛ لكان أيضا محتاجا إلى إمام أخر حسب افتقار الأمة إليه ، ويلزم من ذلك التسلسل ؛ وهو محال ، أو الانتهاء إلى إمام لا يتصور عليه الخطأ ؛ وهو المطلوب (٢).
الثانى : أنه يجب متابعته بدليل اللغة ، والإجماع.
أما اللغة : فهو أن الإمام فى اللغة عبارة عن شخص يؤتم به ؛ أى يقتدى به ، كما أن اسم الرداء : لما يرتدى به ، واللحاف : لما يلتحف به (٣).
وأما الإجماع : فلأنه لا خلاف ، فى أنه يجب على كل واحد من الناس قبول حكم الإمام ، واتباعه فى جميع سياساته ، ووجوب إتباع قوله ، فى ذلك إما أن يكون لمجرد قوله ، أو لدليل دلّ على ذلك ، أو لا لقوله ، ولا لدليل دلّ عليه.
لا جائز أن يقال أنه لا لقوله ولا لدليل دل عليه ؛ وإلّا كان وجوب الإتباع لقوله ، لا مستند له ، وهو محال.
ولا جائز أن يقال باستناده ، إلى دليل الإجماع على وجوب الإتباع ، فإن لم يظهر ثمّ دليل ، فلم يبق إلا أن يكون وجوب إتباع قوله لمجرد قوله ، وإذا كان كذلك ، فلو جاز عليه
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) قارن بما ورد فى المواقف ص ٣٩٩ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٩١.
(٣) قارن بما ورد فى الأربعين للرازى ٤٣٥ «الإمام فى اللغة عبارة عن الشخص الّذي يؤتم به ، ويقتدى به : كالرداء ؛ فإنه اسم لما يرتدى به ، واللحاف اسم لما يلتحف به».