ولأن القضية الضرورية ، ما يصدق العقل بها ، من غير توقف على شيء غير تصور مفرداتها ، ومن تصور شخصا ما ، وتصور معنى العصمة ، لا يجد من نفسه التصديق بكونه معصوما ، إلّا بدليل يدل عليه ، وإلّا كان كل شخص يتصوره ، مع تصور العصمة فى الجملة ، يكون معصوما ؛ وهو محال (١).
فإذا اعتقاد كون شخص من الأشخاص معصوما ؛ لا بدّ له من دليل ، وكل دليل يدل على عصمته ؛ فدلالته موقوفة علي كونه ، معصوما فى نفس الأمر ، فإنه بتقدير أن لا يكون معصوما فى نفس الأمر ؛ فيجب صرف دلالة الدليل على العصمة ، إلى ما يليق بعدم العصمة.
فإذا قد توقفت دلالة الدليل على عصمته ، على وجود عصمته ، ووجود العصمة ، متوقف على دلالة الدليل على العصمة ؛ وهو دور ممتنع.
وكل ما يقال فى الجواب هاهنا ، هو الجواب فيما نحن فيه ، ويدل على ما ذكرناه [من] (٢) الإلزامات.
قولهم : فى الإلزام الأول ، لا نسلم أن عليا لم ينكر.
قلنا : الأصل عدم النكير ، فمن ادعاه احتاج إلى بيانه.
قولهم : إنّه صرّح بالنّكير لا نسلمّ ، وكل ما يذكرونه فى الدّلالة على ذلك قبل ولايته ، وبعد ولايته ، فهو من التّخرّصات ، والأكاذيب التى لم تنقل على ألسنة الرواة الثقات ؛ فلا اعتماد عليها.
ثم [إنه] (٣) لا يخلو : إمّا أن يكون ما نقلوه عنه ـ عليهالسلام ـ من إظهار الإنكار صحيحا ، أو لا يكون صحيحا.
فإن لم يكن صحيحا : فهو المطلوب ، وإن كان صحيحا : فلا يخلو : إما أن يكون محقا فيه ، أو مبطلا.
فإن كان محقا فيه : فقد أخطأ فى المبايعة. وإن كان مبطلا فيه : فقد أخطأ فى الإنكار ؛ وعلى كلا التّقديرين لا يكون معصوما من الخطأ (٤).
__________________
(١) قارن بما ذكره القاضى فى عصمة الأئمة ، ومناقشاته لها ٢٠ / ٥٧ ، ٢٠ / ٩٦.
(٢) ساقط من (أ)
(٣) ساقط من (أ)
(٤) قارن بما ذكره ابن حزم فى الفصل فى الملل والنحل ٤ / ٩٦. وما ذكره القاضى عبد الجبار فى المغنى ٢٠ / ٢٨٤ وما بعدها.