قلنا : الإيمان شرعا ضدّ الشّرك بالاجماع ، وما ذكروه ؛ فهو لازم لهم على كلّ مذهب من المذاهب المتقدم ذكرها ، وإذا كان ذلك لازما على الكلّ ، ولا بد من العمل بلفظ الإيمان فى واحد منها ؛ فلا يخفى أنّ ما فيه موافقة الوضع يكون أولى.
قولهم : ما المانع أن يكون الإيمان هو التّصديق باللّسان؟
قلنا : لما ذكرناه من الأدلة الدالة على اختصاص الإيمان بتصديق القلب.
قولهم : أهل اللّغة لا يفهمون من التصديق غير ذلك ، دعوى مجرّدة من غير دليل ؛ فلا تقبل.
كيف وانّا نعلم من حال النّبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عند إظهار المعجزة أنّه لم يكتف من الناس بمجرد الإقرار باللّسان ، ولا بالعمل بالأركان مع تكذيب الجنان ؛ بل كان يسمى من كانت حاله كذلك كاذبا ، ومنافقا ومنه قوله ـ تعالى ـ تكذيبا للمنافقين عند قولهم للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) (١)
وقال ـ تعالى ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (٢) كيف : وأنه لا يخفى إبطال القول بأن الإيمان هو مجرد الإقرار باللسان من جهة إفضائه إلى تكفير ، من أبطن التصديق بالله تعالى ، ولم يعلن الإقرار باللسان لمانع ، والحكم بإيمان من أقر بلسانه ، وأبطن التكذيب بالله ورسوله.
وإلى ما انتهينا إليه ـ هاهنا ـ بالبحث المستقصى ، نعلم صحّة مذهب الشيخ أبى الحسن الأشعرى ـ رحمهالله ـ وبطلان جميع مدارك ما عداه من المذاهب الواهية المحكيّة ، فإنّا لم نأل جهدا فى استقصائها ، وتحريرها ، والتنبيه على إبطالها.
وأما أن الإيمان هل يزيد / / وينقص ؛ فقد اختلف فيه :
__________________
(١) سورة المنافقون ٦٣ / ١.
(٢) سورة البقرة ٢ / ٨.
/ / أول ل ١٣٧ / أ.