فمنهم من قال : / بزيادته ، ونقصانه (١).
ومنهم من قال : بأنه لا يزيد ، ولا ينقص (٢).
ومنهم من فصّل وقال : إن إيمان الله ـ تعالى ـ الّذي أوجب اتّصافه بكونه مؤمنا لا يزيد ، ولا ينقص.
أما إيمان الأنبياء والملائكة ؛ فإنه يزيد ، ولا ينقص.
وأما إيمان من عداهم ، فإنه يزيد ، وينقص.
الحق فى ذلك : أن إيمان الرّب تعالى ـ لا يزيد ، لا ينقص ، وإلا كان ما يتصف به من زيادة الإيمان ونقصانه حادثا ، والرب ـ تعالى ـ ليس محلا للحوادث كما سبق (٣).
وأما إيمان غيره ، فمن فسر الإيمان بالطّاعات ؛ فإنه يزيد ، وينقص ؛ لإمكان الزيادة ، والنقصان فى الطاعات (٤).
__________________
(١) هم السلف ومن تبع طريقتهم : قالوا : الإيمان يزيد ، وينقص. يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة ، وينقص حتى يدخله النار. وقد استدلوا على صحة ما ذهبوا إليه بأدلة كثيرة من الكتاب الكريم ، والسنة النبوية المطهّرة والآثار السلفية. (انظر شرح العقيدة الطحاوية لابن أبى العز الحنفى ص ٣٧٤ ـ ٣٧٨ فقد ذكر عشرات الأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه).
(٢) هم الاحناف ومن قال بقولهم : إن الإيمان هو التصديق. لأن التصديق فى نفسه مما لا يتزايد ، وما لا يتزايد ؛ فلا نقصان له إلا بالعدم. ولا زيادة عليه إلا بانضمام مثله إليه ؛ فلا زيادة إذن للإيمان بانضمام الطاعات إليه ولا نقصان بارتكاب المعاصى ؛ إذ التصديق فى الحالين على ما كان قبلهما (انظر بالإضافة إلى ما ورد هاهنا : تبصرة الأدلة لأبى المعين النسفى الحنفى ص ٨٥٨. تحقيق الدكتور محمد الأنور ، رسالة دكتوراه بكلية أصول الدين).
(٣) راجع ما مر فى الجزء الأول ل ١٤٦ / أوما بعدها.
(٤) يرى السلف أن الإيمان يزيد ، وينقص. يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة ، وينقص حتى يدخله النار. أما زيادة الإيمان من جهة الإجمال ، والتفصيل : فمعلوم أنه لا يجب فى أول الأمر ما وجب بعد نزول القرآن كله.
وأما الزيادة بالعمل ، والتصديق ، المستلزم لعمل القلب ، والجوارح : فهو أكمل من التصديق الّذي لا يستلزمه ، فالعلم الّذي يعمل به صاحبه ، أكمل من العلم الّذي لا يعمل به. والأدلة على زيادة الإيمان ، ونقصانه من الكتاب ، والسنة ، والآثار السلفية كثيرة جدا. منها : قوله ـ تعالى ـ (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) [الانفال : ٢](وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) [مريم : ٧٦](وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) [المدثر : ٣١](هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً) [الفتح ٤]. ومن السنة : قوله صلىاللهعليهوسلم «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ، ووالده ، والنّاس أجمعين» والمراد نفى كمال الإيمان. وحديث شعب الإيمان «الإيمان بضع وسبعون شعبه أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق». وفى هذا أعظم دليل على زيادة الإيمان ونقصانه. أما الآثار المروية عن الصحابة فمنها : قول أبى الدّرداء ـ رضي الله عنه ـ «من فقه المرء أن يتعهد إيمانه ، وما نقض منه ، ومن فقه العبد أن يعلم أيزداد هو ، أم ينتقص». وكان عمر ـ رضي الله عنه يقول لأصحابه : «هلموا نزدد إيمانا ، فيذكرون الله عزوجل». وفى هذا ما يدل على أن الإيمان يزيد وينقص (انظر شرح الطحاوية ص ٣٦٥ ـ ٣٧٧).