فإن قيل : أولا لا نسلم أنه كان من أهل الإمامة ، ولا مستجمعا لشروطها المعتبرة فيها حتى تصح إمامته ؛ فلا بد من بيان الأهلية أولا.
ثم بيان عدم أهليته لذلك من ثمانية أوجه : ـ
الأول : قوله تعالى لإبراهيم : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١).
ووجه الاحتجاج به : أنّه أخبر أنّه لا ينال عهد الله ؛ وهو الإمامة الظالمين ، وأبو بكر كان ظالما ؛ فلا يكون أهلا للإمامة.
وبيان أنه كان ظالما من وجهين :
الأول : أنه كان كان كافرا قبل البعثة. والكافر ظالم لقوله ـ تعالى ـ (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٢).
الثانى : أنه ظلم فاطمة ، وبيان ظلمه لها أنه منعها من حق كان ثابتا لها ، بميراثها من أبيها.
وبيان ذلك أن فدك (٣) كانت للنبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، ومات عنها. وفاطمة كانت مستحقة لنصفها ، بحق الميراث ، ودليله أمران :
الأول : قوله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) (٤)
الثانى : أنّ فاطمة كانت معصومة عن الخطأ.
وبيان عصمتها من وجهين : ـ
__________________
(١) سورة البقرة ٢ / ١٢٤.
(٢) سورة البقرة ٢ / ٢٥٤.
(٣) فدك : قرية بخيبر كانت للنبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أفاءها الله على رسوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سنة سبع من الهجرة ـ بعد غزوة خيبر ـ صلحا. وتوفى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عنها : فطالبت السيدة فاطمة ـ رضى الله عنها ـ بميراثها. فذكر لها أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ حديث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى ذلك. وأوضح لها أن ما تركه الرسول صدقة ـ لا حق لها فيها.
قارن ما ذكره الآمدي هنا بما ذكره صاحب المغنى القاضى عبد الجبار فى كتابه المغنى ٢٠ / ٣٢٨ وما بعدها القسم الأول : فقد تحدث بالتفصيل عن الحوار الّذي دار بين السيدة فاطمة ـ رضى الله عنها ـ ، وبين الصديق ـ رضي الله عنه ـ ، وأجاب عن شبه الخصوم بالتفصيل ـ ووضح براءة الصديق ـ رضي الله عنه ـ مما ألصقه به الخصوم خاصة ، والسيدة فاطمة ـ رضى الله عنها ـ قد اقتنعت ، وكفت عن المطالبة ـ فأصابت أولا وثانيا.
(٤) سورة النساء ٤ / ١١.